فى محاولة لتدارك الأوضاع والإمساك بزمام الأمور مجدداً فى العراق عقب مقتل قاسم سليمانى وتصاعد وتيرة الاحتجاجات ضد النفوذ الإيرانى , تسعى إيران جاهدة بقيادة الأمين العام لحزب الله وبإشراف شخصى منه إلى رأب خطوط الصدع داخل المكون الشيعى عبر تحقيق المصالحة بين الصدر وفصائل الحشد الشعبى
التسويات التى تمت بضيافة نصر الله تمكن خلالها من إقناع الفرقاء العراقيين بضرورة توحيد الصف وإذابة جليد الخلافات مع التيار الصدرى التى بلغت فى سنوات سابقة حد المواجهة المسلحة احتواء مقتدى الصدر تحت لافتة المقاومة أو محور الممانعة والذى بات وفقا لنصر الله لايحتمل المناكفات .
وكان نصر الله قد استضاف قادة الفصائل العراقية الموالية لطهران في مكتبه بالضاحية الجنوبية في بيروت، في التاسع من الشهر الحالي، بغية التنسيق وعقد الصلح بينهم وبين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وأبرز قادة الفصائل: قيس الخزعلي، وأكرم الكعبي، وشبل الزيدي، وأبو آلاء الولائي، الذين بينهم وبين الصدر خصومة شديدة وصلت حدّ المواجهات المسلحة معه، نتيجة انشقاقهم عن تياره وميليشيا جيش المهدي، خلال الأعوام العشرة الأخيرة
الصدر الذى عرف مؤخراً بمناهضة نظام المحاصصة والطائفية اتفق وهادي العامري، ، على صياغة هيكلية جديدة لهيئة الحشد الشعبي، بوصاية إيرانية ضامنة لمواقع كلّ الحلفاء داخل الهيئة. “حيث أسفر اجتماعه والعامرى فى قم إلى موافقة زعيم التيار الصدري على تسمية الأول رئيساً للهيئة، شريطة منح منصب نائب الرئيس لشخصية صدرية من داخل التيار هى كاظم العيساوي، المعاون الجهادي للصدر، ليتولى بذلك موقع الراحل أبي مهدي المهندس، بما يعنى أنّ العامري والصدر، تقاسما إدارة الحشد، بصيغة تشاركية يدخل ضمنها قادة الفصائل الأخرى”.
الصفقة السياسية التى بين الصدر والحشد الشعبى طبعت بصماتها على الحراك العراقى والذى باتت عناصره تنظر بعين الشك والريبة إلى الدعوة التي أطلقها مقتدى الصدر لتظاهرة مليونية تندد بالوجود الأميركى فى العراق قبل أيام لتكون في العاصمة بغداد ولتنطلق يوم الجمعة القادم الـ 24 من كانون الثاني/ يناير الجاري .إذ يبدو أن الصدر بعد أن اتفق مع زعماء الكثير من قادة الميليشيات الطائفية كالخزعلي والولائي والعامري والكعبي والزيدي يعدون لشىء ما خلف الكواليس لاسيما وأن التفاهمات التى حدثت قبل أيام بين زعيم التيار الصدرى والعمرى لم تحدث منذ أكثر من 8 سنوات .
إذ ثمة مايؤشر إلى أن للصدر مآرب أخرى يسعى إليها من خلال المليونية إذ يذهب البعض إلى كونه يحاول استغلال التظاهرات بغية تحقيق مكاسب سياسية وزعامة على الفصائل الأخرى يكون وقودها المتظاهرون الذي قضوا أكثر من 100 يوم في سوح التظاهرات ويرون أن الصدر لوكان صادقاً في دعوته لندد بالصواريخ الايرانية التي استهدفت الأنبار وأربيل بأكثر من 20 صاروخا بالستيا، ولرفض التدخل الايراني منذ البداية ولما قبل أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات بين طهران وواشنطن ولعل هذا مادفع شباب انتفاضة تشرين إلى رفض الانسياق وراء رجل الدين “مقتدى الصدر”. وجاء في بيان الحراك الشعبي أن الدعوة التي تنطلق من إيران ضد واشنطن مسيسة ولا تصب في القضية العراقية وان الدعوة لو كانت صادقة لدعت إلى خروج أذرع إيران العسكرية أيضا.
.
مخاوف المتظاهرين تمتد إلى احتمالات أن تكون دعوة الصدر جاءت بعد اتفاق بين سياسي المنطقة الخضراء وزعماء الفصائل الطائفية من أجل تصفية تظاهرات تشرين، وذلك من خلال الدعوة لتلك التظاهرات في ساحة التحرير.ففى هذه الحالة ستدخل آلاف من الحشود المؤيدة له ولبقية الفصائل إلى التحرير.و ستتسبب باحتقان بين المتظاهرين السلميين وبين نظرائهم المؤدلجين ما قد ينشب عنه حرب شوارع وتصفيات، وبالتالي يفقد الشباب زخمهم الشعبي الذي كانوا قد حافظوا عليه منذ الـ 25 من تشرين الأول/ اكتوبر الماضي،.
تحركات الصدر تعد هروباً صريحاً من التحالف مع الحراك الاحتجاجى وتنبىء عن براغماتيه زعيم التيار الصدرى وقدرته على المراوغة والتلاعب بالأوراق وفق مصالح حزبية وشخصية ضيقة، فهو يخطو وفق مكاسب سياسية، لا وفق ما يدّعيه من وطنيات.
اضف تعليق