الرئيسية » رئيسى » جيوب الشمال تشتعل .. إلى أين تتجه أوراق الصراع فى إدلب ؟
تقارير ودراسات رئيسى

جيوب الشمال تشتعل .. إلى أين تتجه أوراق الصراع فى إدلب ؟

تفجير في إدلب
تفجير في إدلب

“أم المعارك” لعل هذ أقرب توصيف لمعركة إدلب ..إذ  أن ارتباطها بتعقيدات الصراع السورى وكونها الخزان الذى استوعب كافة مخرجاته خلال الأعوام الماضية فضلاً  عن أ بعادها الإقليمية تجعل منها مفتاح إعادة رسم خارطة التوازنات الدولية والحلقة الأخيرة التى قد يسدل بعدها الستار نهائياً على ملف الحرب الأهلية السورية أو يعود إلى المربع صفر  .

المعركة المؤجلة على رقعة الحرب الدائرة منذ أعوام  بفعل تشابك  المصالح بين  القوى الخارجية المعنية بالصراع أضحت شبه مؤكدة لاسيما مع انهيار الهدنة الروسية التركية وإصرار النظام الذى طالما تظاهرت  موسكو بردعه على اقتحام المحافظة ، مستنداً فى تبرير العمليات العسكرية التى يشنها إلى اتهاماته المستمرة لـ”هيئة تحرير الشام” بمهاجمة قاعدة حميميم. لكنه واقع الأمر مهتما بالسيطرة على إدلب بالكامل وقد انعكس ذلك بجلاء تام فى إعلانه عقب نهاية كل معركة فى محيط دمشق وجنوبها بأن إدلب ستكون وجهته المقبلة  .

تصاعد حدة المواجهات المسلحة بين النظام السوري من جهة وفصائل المعارضة والتنظيمات الإرهابية من جهة أخرى والذى أدى إلى نزوح ما يقرب من 200 ألف شخص حسب تقديرات الأمم المتحدة في 26 مايو 2019، وتكرار الاتهامات الموجهة من جانب بعض القوى الغربية، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، للنظام السوري  باستخدام الأسلحة الكيماوية ,تفتح شهية التكهنات حول المسارات المحتملة للأزمة وفرص الوصول إلى تسوية .

موقع إدلب على خارطة الصراع السورى يؤشر إلى أن سيناريو السيطرة عليها  قد يختلف فى عن مسارات معارك دير الزور والغوطة وحلب الشرقية , وينبع هذا التباين من أنه ليس هناك ملاذ آخر يمكن ترحيل الإرهابين الرافضين للمصالحة إليه ,ففى المعارك الأخرى المماثلة كان يتم إقصاء المسلحين الرافضين للتسوية إلى إدلب بما يعنى أنه لامجال هذه المرة أمام المسلحين   سوى الفرار خارج سوريا أو التصفية حال رفضهم للمصالحة وأن وضعهم سوف يصبح أقرب إلى وضع داعش فى دير الزور والميادين والبوكمال

التزام تركيا الصمت إزاء مايحدث فى إدلب باستثناء تصريح لوزير الخارجية خلوصي آكار ، أعلن فيه تمسّك بلاده  بنقاط المراقبة مُتّهماً الدولة السورية بالعمل على إنهاء اتفاق آستانة, يشي بأن نظام أنقرة لايرغب فى الانخراط بشكل مباشر فى المعارك الدائرة وأنه قد يكتفى بتقديم الدعم العسكرى للفصائل المعارضة حيث ظهرت للمرّة الأولى صواريخ جافلين الأميركية الصنع المُضادّة للدروع المُتطوّرة إضافة إلى مئات الدراجات الجبلية والسيارات المُصفّحة رباعيّة الدفع

الدعم التركي للفصائل المسلحة يعد أحد نقاط الضغط السياسى التى تسعى من خلالها أنقرة للحصول على مكاسب مستقبلية حال الجلوس على طاولة التفاوض لذا فإن التفاهمات الصعبة بين أنقرة وموسكو قد تبدو ممكنة وعلى الأرجح ستسير على خطى  التنسيق  الذى تم  بين روسيا  وتل أبيب عشية سيطرة النظام على المنطقة الجنوبية وعودة انتشار الجيش السوري على خطوط وقف إطلاق النار في الجولان استناداً إلى مضامين اتفاق فضّ الاشتباك الموقع عام 1974.وربما هذا مادفع البعض إلى الحديث عن إحياء اتفاقية الأناضول الموقعة بين دمشق وأنقرة عام 1998،لذلك وفى ظل المعطيات السابقة يرجح أن تستكمل عملية السيطرة على إدلب بمزيج من العمل العسكري والتفاهمات التي ترعاها موسكو مع أنقرة

ومع ذلك  فإن إزدواجية موسكو فى التعاطى مع ملف إدلب زادت من سخونة الوضع الملتهب بشكل يزيد من احتمالات اندلاع مواجهة بين قوات  النظام السوري وتركيا , إذ تنتهج روسيا سياسة ثنائية الأبعاد  تقوم على تقديم وعود دبلوماسية بالتوازي مع منح الضوء الأخضر  لقوات الأسد للتدخل عسكريًا لحسم الملف.ولعل هذا ما يفسر العمليات العسكرية التي يشنها الأسد  بغطاء جوي من موسكو وما يثيره النظام وروسيا في بعض الأحيان من أن اتفاق سوتشى يتضمن عمليات مكافحة الإرهاب. و تكرار موسكو أن كل تفاهماتها مع تركيا مبنية على أساس عودة النظام إلى السيطرة على كل الشمال السوري وحتى المناطق الحدودية عاجلاً أم آجلاً، وتمسك موسكو برفض أي سيناريو يعيد تشكيل المجموعات المحسوبة على هيئة تحرير الشام من المواطنين السوريين ودمجهم مجدداً في البنية السورية.

عودة ملف الصراع برمته إلى المربع صفر  تبدو مرجحة  , مع تزايد التوقعات حول التدخلات الدولية  لاسيما مع التلويح باستخدام السلاح الكيماوى من قبل النظام وتزايد أعداد النازحين فضلاً عن فشل مسار آستانة لتسوية الأزمة