الرئيسية » أرشيف » حزب الله يلوح بورقة "المطارات" في وجه الحكومة
أرشيف

حزب الله يلوح بورقة "المطارات" في وجه الحكومة

يرى خبراء لبنانيون في شؤون الطيران انه يستحيل على السلطات اللبنانية تشغيل مطار القليعات الواقع في شمال البلد من دون موافقة السلطات السورية، وهذا يجعل من قضية مطار القليعات الواقع على الساحل والذي يبعد مئة وخمسة كيلومترات عن بيروت مسألة سياسية بامتياز وجزءا لا يتجزّأ من طبيعة العلاقات القائمة بين سوريا ولبنان.

وعزا الخبراء ذلك الى ان المطار لا يبعد اكثر من عشرة كيلومترات عن الحدود السورية، وهذا يجعل السلطات السورية قادرة على تعطيل شبكة الاتصالات فيه، عن طريق التشويش، ساعة تشاء. فضلا عن ذلك، ان هذا المطار في مرمى الاسلحة السورية، بما في ذلك الرشاشات الثقيلة المضادة للطائرات.

واشار هؤلاء الخبراء الى ان اي طائرة تستخدم المطار ستجد نفسها في حاجة الى المجال الجوّي السوري الاّ في حالات نادرة، اي عندما يقتصر اقلاع الطائرة او هبوطها على التحليق فوق المياه الاقليمية اللبنانية.

وكانت مصادر لبنانية مطلعة أكدت في وقت سابق أن حكومة نجيب ميقاتي تفكر جديا في فتح مطار القليعات من جديد أمام حركة الملاحة الجوية على الرغم من معارضة شديدة يبديها حزب الله والدوائر التابعة له في داخل الحكومة اللبنانية.

ويتزايد الحديث في الشهور الماضية عن الضرورة الملحة لإعادة تشغيل المطار الذي يقع في قرية القليعات شمال لبنان حيث تسود غالبية سنية ترفض بشكل متزايد السطوة المطلقة لحزب الله الشيعي على الحكومة.

وتقول مصادر لبنانية عديدة إن إعادة تشغيل المطار أصبحت حاجة ملحة للبنان وخاصة لشماله الذي يبحث سكانه عن منفذ للعالم الخارجي بعيدا عن مطار بيروت وعن نفوذ حزب الله الذي بات يسيطر على هذا المطار الواقع ضمن دائرة نفوذه بالعاصمة اللبنانية.

وفي ايار/ مايو الماضي، طلب الرئيس ميشال سليمان من وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي الإسراع في اتخاذ الإجراءات والتدابير لإعادة تشغيل مطار الرئيس رينيه معوض (القليعات) أمام حركة الملاحة الجوية.

لكن طلب الرئيس اللبناني وجد أمامه جبهة صد واسعة من حزب الله ومن القوى اللبنانية الموالية لسوريا.

ويقول مراقبون لبنانيون إنّ الحاجة إلى مطار آخر يرفد مطار بيروت باتت أولوية قصوى أمام رفض حزب الله ما أسموه بـ"الانخراط في مشروع الدولة اللبنانية، ومواصلته استخدام هذا المرفق لابتزاز الدولة في كل شؤونها الخاصة".

ويرى هؤلاء المراقبون أن إعادة تأهيل مطار القليعات أصبح حاجة وطنية مسيحية-إسلامية، تتجاوز البعد الاقتصادي على أهميته، إلى البعد السيادي والاستراتيجي، كما لجهة حرية الأفراد في تنقلاتهم وحفظ كراماتهم ونزع ورقة ابتزاز وضغط من قبل الحزب الشيعي.

وطرحت قضية اعادة تشغيل مطار القليعات جديا في الاسابيع القليلة الماضية بعدما تبيّن ان "حزب الله" يسيطر عمليا على مطار رفيق الحريري الواقع قرب بيروت.

وغالبا ما لجأ الحزب الموالي لايران الى اغلاق طريق المطار من اجل ابتزاز الحكومة اللبنانية واظهار قدرته على شلّ الاقتصاد اللبناني.

واستخدم "حزب الله" ورقة مطار بيروت في جهوده الهادفة الى منع المواطنين العرب عموما والخليجيين خصوصا من المجيء الى لبنان في محاولة واضحة للضغط على الدول العربية المؤيدة للثورة السورية.

وادّت الحملة التي قامت بها المعارضة اللبنانية، خصوصا النواب السنّة في طرابلس وعكار، وهي المنطقة التي يقع فيها مطار القليعات، الى تدخل رئيس مجلس النواب اللبناني السيد نبيه برّي(شيعي) من اجل طمأنة اللبنانيين الى ان طريق مطار رفيق الحريري لن يقطع بعد الآن.

وكانت المرّة الاخيرة التي قطعت فيها طريق مطار بيروت الدولي الذي يحمل اسم رفيق الحريري في الخامس عشر من آب/اغسطس الماضي.

ولجأ "حزب الله" الى قطع الطريق والتهديد بخطف مواطنين عرب وخليجيين مستخدما احدى العائلات الشيعية التي خطف احد ابنائها في دمشق في ظروف اقلّ ما يمكن ان توصف به انها غامضة.

ويسعى المسيحيون والسنّة والدروز في لبنان الى ايجاد بديل من مطار بيروت الدولي، بموقعه الحالي، بسبب وجوده في منطقة يحيط بها "حزب الله" من كل جانب. وهذا يجعل كلّ من يدخل المطار او يخرج منه تحت المراقبة المباشرة للحزب الذي يعتبره اللبنانيون لواء في "الحرس الثوري الايراني".

ويقول احد الخبراء من الذين عملوا طويلا على ملف مطار القليعات انّ السبب الحقيقي للتطمينات الصادرة عن برّي، في ما يتعلّق بمطار رفيق الحريري، هو الخوف من ايجاد مطار بديل في منطقة مسيحية او سنّية. وهذا سيجعل مصالح "حزب الله" والتجار الشيعة عموما مهددة نظرا الى ان هؤلاء يعتبرون المستفيد الاوّل من عمليات التهريب الواسعة التي تتم عبر مطار بيروت. وتشمل عمليّات التهريب هذه، بين ما تشمل، تبييض العملة على نطاق واسع وتجارة الماس والمخدرات من افريقيا واليها.

ويذكر ان مطار القليعات الواقع في منطقة ذات اكثرية سنّية تكاد تكون خالية من الشيعة، هو في الاصل قاعدة عسكرية ولا يستخدم لاغراض مدنية الاّ نادرا. وقد بات في استطاعة الطائرات المدنية الهبوط فيه، خصوصا بعد تأهيله. وكان الهدف المعلن من عملية التأهيل تطوير الاقتصاد في منطقة عكّار الفقيرة، بل المعدمة، وخلق نحو ثلاثين الف فرصة عمل فيها.

وتبلغ مساحة المطار ثلاثة ملايين ومئة وثلاثة وستين الف متر مربّع. وفيه قاعة للمسافرين، يستخدمها حاليا ضباط القاعدة، وحظيرة للطيران وعنابر للصيانة ومبنى للمطافئ ومبنى لمولد كهرباء ومحطة تخزين للوقود.
 
واوضح هذا الخبير ان هناك خيارا آخر غير مطار القليعات الذي لن تسمح السلطات الحالية السورية باستخدامه في اي شكل نظرا الى قربه من المنطقة العلوية في سوريا.

واشار الى ان الخيار الآخر هو مطار حامات الواقع في منطقة مسيحية في الشمال اللبناني. وقال ان تشغيل هذا المطار، الذي يحتاج الى عملية تأهيل كبيرة تفوق بكثير تلك التي يحتاجها مطار القليعات، لا يحتاج الى موافقة سورية في ضوء بعده عن الحدود بين البلدين.

واعتبر ان تشغيل مطار القليعات سيطرح قريبا ولكن من زاوية مختلفة تتجاوز الاستغناء عن مطار بيروت الذي يسيطر عليه "حزب الله". وقال ان هذه الزاوية تتمثل في نقل مساعدات الى الشعب السوري بواسطة جمعيات الاغاثة او الامم المتحدة. لكنّ ذلك مرتبط الى حدّ كبير بانهيار النظام الحالي في دمشق، اي بفقدانه السيطرة على معظم الاراضي السورية.

وكشف ان هناك اهتماما اميركيا كبيرا بمطار القليعات وذلك بسسب قربه من الاراضي السورية وحتى العراقية، اذ ان المسافة بين المطار والحدود السورية- العراقية يمكن ان تقطع في اربع ساعات ونصف ساعة برّا.

ويعود الاهتمام الاميركي بالمطار أيضا الى انّه يقع في منطقة قريبة من البحر وهذا يعني في طبيعة الحال ان في الامكان تأمين الدخول اليه والخروج منه بسهولة عن طريق رأس جسر في استطاعة البحرية الاميركية اقامته قرب المطار.