أكدت مصادر إيرانية مطلعة أن اعتقال ابنة أكبر ثالث مسؤول في إيران ،وهو رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني بتهمة التجسس مع الاستخبارات البريطانية ،قد تم التخطيط له من قبل الحرس الثوري، لهدم نفوذ عائلة لاريجاني، واسقاط رئيس السلطة القضائية والمرشح بقوة لتولي منصب المرشد، بدلا من المرشد الحالي،و الذي يعاني المرض والكبر في السّن، وكان اسماً مطروحاً لخلافته يتصدر باقي الاسماء.
وقد كشفت المصادر نفسها أن الحرس الثوري يريد تقليم أظافر عائلة لاريجاني ،ويستبعدهم عن المنافسة في خلافة المرشد الاعلى الذي يراه حقاً له دوناً عن غيره، ليُعيِّن فيه من يحقق له مصالحه ، ومطامعه في ايران.
وفي نفس الوقت زعزعة الثقة الكبيرة بأسرة لاريجاني النافذة باعتبارها جزء لا يتجزأ من الدائرة السياسية التقليدية في ايران خاصة، وأن ذلك مادعا البعض إلى اعتبارها عائلة تحكم إيران من الباطن ،وتسيطر على مناصب قيادية ،غاية في الأهمية داخل النظام السياسي المعقد في ايران.
وكشفت تقارير استخباراتية تغلغل نفوذ عائلى لاريجاني في تركيبة الحكم الايرانية ، مؤكدين أن اثنين من الاشقاء الخمسة يرأسان مؤسستين من المؤسسات الثلاثة الكبرى في الدولة وهما البرلمان ويرأسه آية الله علي لاريجاني، وقد تم التجديد له للمرة الثالثة على التوالي فيما يرأس آية الله صادق لاريجاني / والد زهرة / السلطة القضائية ،وقد تم تعيينه من قبل المرشد الأعلى منذ عام 2009 لفترتين كل منها تمتدّ لخمس سنوات تنتهي في عام 2019.
أما الأخوة الثلاثة الباقون فهم أيضاً يحتلون مناصب رفيعة أحدهم يرأس مجلس حقوق الانسان في ايران والآخر في السلك الدبلوماسي والثالث يرأس جهاز الصحة. ولا شك أنه حينما تجتمع هذه المناصب في عائلة واحدة فهي تعدّ أمراً استثنائياً، يجعل الطرف الآخر وهو الحرس الثوري على استعداد تام لتوجيه ضربات قوية تزلزل الأرض تحت أقدام هذه الأسرة، ومنها توجيه تهم مخلة بالشرف والانتماء والذمة المالية.
وما يؤكد هذه المعلومات أن عائلة لاريجاني تعتبر النسخة الايرانية لعائلة آل كنيدي الأمريكية في ستينات القرن الماضي. سيما وأنها ترتبط برابط الدم أو النسب بأكثر من 24 من آيات الله و12 جنرالاً في الحرس الثوري و20 عضواً من أعضاء المجلس الاسلامي.
أما في الخارج فهي تتميز بعلاقات وقبول لدى الحكومات ودوائر صنع القرار في الدول الغربية والولايات المتحدة فضلاً عن الصين وروسيا الحليفتين الأكبر لايران.
لذلك يرى مراقبون سياسيون أن القاء القبض على زهرة لاريجاني بتهمة لتجسس لصالح بريطانيا وأميركا الهدف منه هو افساد علاقة عائلة لاريجاني بالمجتمع الغربي الذي تستمد عائلة لاريجاني قوتها من الدخول في علاقات معه ، حيث تتضمن مراسلات القضاء الإيراني اتهام زهراء لاريجاني بالعمل على نقل وثائق ومستندات مهمة عن النظام الإيراني إلى السفارة البريطانية.
ويهدف الحرس الثوري من خلال القضية إلى فضح العلاقة بين عائلة لاريجاني وبريطانيا ،تلك العلاقة الأكثر تميزاً منذ حقبة العشرينات ،إبان حكمها للعراق، وفي الوقت الحاضر، فإن أحد الاخوة محمد جواد لاريجاني كان مسؤولاً عن التواصل مع بريطانيا وقد تعززت هذه العلاقة بفضل زياراته المتكررة إلى لندن.
لكن أهم ما كشفته حادثة القبض على زهرة لاريجاني هو الصراع بين الاستخبارات والحرس الثوري ،وقد اتضح ذلك من خلال تعارض المواقف والمعلومات بين الجهازين ،ففي الوقت الذي لم ينف فيه الحرس الثوري اعتقال ابنة لاريجاني على يد قواته الخاصة، كذب رجال الاستخبات الواقعة ،واعتبروها شائعة مغرضة.
وحسب تسريبات التحقيقات يشار إلى أن رئيس حرس صادق لاريجاني كان على علاقة عاطفية بزهرة وقد تسبب هذا الارتباط بتسريب أنشطة أمنية سرية وبطبيعة الحال تم القبض على رئيس الحرس ونقله إلى سجن الحرس الثوري حيث سيلقى اشد أصناف التعذيب وربما يُقتل لإخفاء حجم القضية.
أما صادق لاريجاني فهو في حالة ووضع لا يحسد عليه ،وهو يحاول جاهداً إطلاق سراح ابنته ،وهو بدوره يحاول القضاء على الذين كشفوا الحادثة ،وقد عقد اجتماعاً مع حجة الاسلام اسماعيل الخطيب رئيس أمن المعلومات، واثنين من نوابه لمنع الاستيلاء على المزيد من المعلومات عن القضية ،كما قرر نقل ” صداقة” وهو مسؤول الملف ونائب المدير العام للاستخبارات إلى العمل في شركة النفط.
وطلب عدم تسريب أي معلومات إلا من طرف حماية المعلومات القضائية، وهي تحت سيطرته كما أودع بسجن ايفين في القسم 241 من قام بجمع هذه المعلومات السرّية (وهما من قوات الأمن) حيث أحدهما فقد إحدى كليته جرّاء التعذيب، وذلك بسبب قربهما من ابنة لاريجاني ومعرفتهما بعلاقتها بحارس الأمن والمخابرات البريطانية.
كما طلب من محسني إيجه المتحدث باسم القضاء مهمة الوساطة لدى المرشد الاعلى.
وهذه ثاني فضيحة حول عائلة لاريجاني خلال عام مضى، حيث كشف صحافيون إصلاحيون عن تورط آية الله لاريجاني نفسه، بتهم فساد مالية من خلال امتلاكه 63 حسابا شخصيا في البنوك، تدر له أرباحا بالمليارات شهريا من فوائد الكفالات المالية للمواطنين الذين لديهم قضايا في المحاكم، حيث كشف موقع “رد” الايراني أن رئيس القضاء لديه أرصده تزيد عن 310 مليون دولار، إلا أن هذه الفضيحة لم تكن لتأخذ منحى تصاعدياً ،لو لم تطفُ قضية التجسس لابنته، فالفساد المالي يمكن التغاضي عنه وهو أمر مستشرٍ بين الطبقة الحاكمة، ومقبول أيضاً مقابل الولاء والتشدد.
هذا ولم يسلم علي لاريجاني رئيس البرلمان الايراني شقيق والد الفتاة المتهمة من الانتقاد فقد أفادت معلومات أن رئيس البرلمان هو مواطن كندي مجنّس ، وأن أبناؤه قد سافروا إلى كندا، وذلك رغم النفي الرسمي إلا أن وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تقوم بالتحقيق في ذلك بطلب من الحرس الثوري، وهي ضربة أخرى تُضاف إلى تقليص نفوذ عائلة لاريجاني بأكملها وتهئية الاجواء لخطط الحرس الثوري المرسومة للمرحلة المقبلة.
لذلك فإن نظام الملالي في ايران يعاني من فجوة كبيرة بين المسؤولين عن استمرار الثورة الاسلامية ،والجيلين الثالث والرابع ،مما يهدد بانهيار الفكرة من أساسها ، وخاصة أن زهرة لاريجاني ليست سوى احدى الشابات التي تمثل جيلاً كاملاً يرفض نهج الدولة، ويشعر بالنّقمة على أوضاع خاطئة ،وممارسات قمعية تنتهك حرية الفرد وتصادر أفكاره حتى وإن كان والدها أحد أقطاب الحكم في إيران.
فهل تنجح الصراعات والمواجهات بين الحرس الثوري ، وعائلة لاريجاني في انطلاق عاصفة التغيير من الداخل ،ونقل ايران إلى أحضان العالم الغربي، والخروج من دائرة الدعم الرسمي للارهاب؟.
ويشير الخبراء الاستراتيجيون إلى أن الصراعات على الحكم ،والتي تضمنت الاغتيالات والدسائس والمؤامرات،واتهامات الفساد ، بتقويض النظام ،بعد أن اقترب من الشيخوخة، واستكمل دورته ليعود إلى الهاوية.
اضف تعليق