يتهم معهد "تبادل السياسة"، الذي يوصف بأنه القوة المفكرة لحزب المحافظين، ديفيد كاميرون رئيس الوزراء بأنه فشل في التخلص من أكبر الأزمات التى تطعن في شعبية الحزب، والممثلة فى تغيير الصورة السائدة عن الحزب بأنه حزب للأثرياء فقط، وهو ما يكبده خسائر كبيرة في المناطق الحضرية، خاصة خارج الجنوب الشرقي لانجلترا.
جاءت هذه الاتهامات بعد التكهنات التي تداولتها الصحف البريطانية الأسبوع الماضي بشأن احتمال أن يدفع الحزب بـ"أدم أفريي"، وهو من أب غاني وأم انجليزية، ليكون رئيساً للحزب بعد الانتخابات العامة المقبلة فى 2015 إذا فشل "كاميرون" في الفوز بالانتخابات العامة، أو فشلت خطة التقشف التي قدمتها حكومته.
ويعتقد البعض أن ترشيح "أفريى" وهو من كبار الأثرياء الممولين للحزب ليتولى رئاسته هو مغازلة لأصحاب البشرة الملونة الذين يحتلون، وفق إحصاءات شبه رسمية، نسبة 55% من جملة السكان في لندن، في محاولة لاستعادة جزء من شعبية الحزب.
رغم ذلك يرى جوناثان جرينوود الباحث بجامعة لندن أن المحافظين "يعرفون أنهم سيخسرون الانتخابات المقبلة، في ظل فقدان شعبيتهم على هذا النحو، وهم يلعبون الآن بمثل هذه الأوراق، مثل المهاجرين والمزايا الممنوحة لهم، لكن هذا الخطاب الثوري، بحسب تعبيره، لا يكفي لمنحهم الدعم الكافي.
وكان "حزب المحافظين" الذى يقود الائتلاف الحاكم قد خسر أولى المواجهات بينه وبين حزب الديمقراطيين الأحرار شريكه في الحكومة الثلاثاء الماضى خلال تصويت البرلمان على رفض إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، حيث جاءت النتيجة 292 صوتاً للمحافظين مقابل 334 للديمقراطيين الأحرار، وكان رئيس الوزراء المحافظ يعلق آمالاً كبيرة على هذا التصويت فى منح حزبه 20 مقعداً إضافية فى البرلمان.
جاءت الخسارة بعد اتفاق بين الديمقراطيين الأحرار والمعارضة من حزب العمال، للتصويت على رفض مشروع القانون، لتفتح باباً جديداً من التكهنات حول مستقبل الائتلاف الحاكم، ومدى تراجع شعبية كاميرون، بعد تكتل كل من الديمقراطيين الأحرار، و"العمال" ضد الحزب الحاكم، مستغلين سوء الأوضاع الاقتصادية التى تمر بها البلاد، والتى أظهرتها أكثر من دراسة كشفت عن زيادة معدل تكاليف المعيشة بنسبة تزيد عن 25%، بسبب سياسية التقشف التى يتبعها وزير المالية جورج أوزبورن.
وتعد السياسات الاقتصادية الخاطئة والقرارات البطيئة هي الاتهام الأبرز الذي توجهه المعارضة لـ "كاميرون وحكومته" في ظل الأزمة المالية التي تمر بها البلاد.
جورج أوزبورن، قال امام البرلمان، إن ميزانية الحكومة تعكس صعوبات اقتصادية وتحديات على المستوى الداخلي والخارجي، لكنه حمّل "الحكومات المتعاقبة" المسؤولية، حيث تسببت سياستها الاقتصادية في رفع ديون بريطانيا ارتفاعاً سنوياً متتالياً حتى عام 2018، حيث سترتفع نسبتها إلى ما يمثل 75.9% من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، وصولاً إلى 85.6% في العام الذي يليه، بينما كشف تقرير رسمي أن حجم الديون وصل إلى 1.19 مليار جنيه استرليني.
فالأزمة المالية التي تمر بها بريطانيا والتي دفعت الحكومة إلى أن تنتهج سياسية تقشف اقتصادي يعتبرها محللون بمثابة تحد كبير، ويتوقعون أن يواجه حزب المحافظين صعوبة كبيرة في الفوز بأغلبية البرلمان المقبل فى 2015 إذا لم تنجح خطة الحكومة.
وبالإضافة إلى ذلك يأتي "تقرير ليفيسون" لتنظيم الاعلام ليكون ثاني أهم التحديات التي تواجه رئيس الوزراء وحزبه في الوقت الحالي، حيث توجه المعارضة للحزب اتهامات عديدة بـ "التحايل" على التقرير، بعد اقتراح رئيس الوزراء بإنشاء الهيئة الملكية لتنظيم مهنة الصحافة، والتي اعتبر العديد من السياسين والمثقفين أنها "تقوض حرية الإعلام".
وكان كاميرون رئيس الوزراء وزعيم حزب المحافظين الحاكم قد كتب في جريدة "الديلي تلغراف"، مطلع الشهر الجارى، يقول "أعلم أن هناك من ينتقدون أداء الحكومة التي أقودها، وأنهم يتطلعون إلى مزيد من الرفاهية، ويشعرون ببطء في أداء الحكومة لحل مشاكلهم، لكننا نناضل من أجل أن تبقى بريطانيا، وعلينا أن نبحث عن التغيير معاً كي نصل إليه".
لكن الفوز في الانتخابات المقبلة يظل حلماً بعيد المنال لأي من الأحزاب القائمة على أي حال، من وجهة الباحث جوناثان جرينوود، فهو يقول إن حزب العمال نفسه يعاني ضعفاً، وليس بإمكان زعيمه الحالي إد ميليباند أن يملأ مكانه"، مضيفاً أن رحيل شقيق ميليباند عن الحزب يضيف إلى هذا الضعف، وهو ما يجعل قطبا الحياة الحزبية في بريطانيا على نفس حافة السقوط في الانتخابات سواءً بسواء.
اضف تعليق