وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس على حظر تدريجي لا سابق له لاستيراد النفط الإيراني ومعاقبة مصرفها المركزي سعيا لوقف تمويل برنامج طهران النووي.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية أن الحظر سيفرض تدريجيا، بحيث يحظر على الفور على الدول الأعضاء توقيع أي عقود إمدادات جديدة على أن يتم إنهاء العقود القائمة بحلول الأول من يوليو القادم.
ويسعى التكتل إلى وقف الإمدادات بأسرع وقت ممكن حتى لا تنجح إيران في العثور على مستورد بديل لتعويض الطلب الأوروبي.
وفيما تؤكد طهران أن برنامجها النووي لأغراض سلمية، إلا أن وزير الخارجية النمساوي ميشائيل شبيندلجر أكد أن "الاتحاد الأوروبي لا يمكنه أن يقف مكتوف اليدين ويشاهد إيران تزهو بالقنابل الذرية".
بدوره قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ: "إيران تواصل تحديها لقرارات مجلس الأمن الدولي وتخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20%، وهو ما ليس له تفسير مدني ممكن".
وأضاف: "أعتقد انه من المهم جدا ان نكثف الضغوط السلمية المشروعة على الحكومة الإيرانية حتى تدخل في مفاوضات جدية مع المجتمع الدولي"، وقال: "بريطانيا تتطلع الى حزمة عقوبات غير مسبوقة".
كما وافق الوزراء على عقوبات ضد البنك المركزي الإيراني وحظر تجارة المنتجات البتروكيماوية والذهب والمعادن النفيسة والالماس والعملات الورقية والمعدنية.
وحذر وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت من ان فرض الاجراءات المشددة ليس حلا للقضية، وأعرب عن امله في ان تؤكد مشاورات الاتحاد على حرص التكتل على التوصل لحل ديبلوماسي باعتباره الطريق الوحيد لحل الوضع الحالي، وقال: "المواجهة أو الحرب ليست في مصلحة احد" وهو نفس ما أكده هيغ من أن العقوبات "ليس هدفها الصراع وانما تجنب الصراع".
أما وزير الخارجية الالماني غيدو فيسترفيله فقد قال: "يمكن لإيران انهاء هذه العقوبات في اي لحظة، من خلال التعاون الدولي وضمان الشفافية وتقديم ما يؤكد عدم سعيها للتسلح نوويا".
وعلى الفور تخلت إيران عن لهجتها المخففة التي سادت خطابها السياسي منذ ايام وعادت وجددت التهديد باغلاق مضيق هرمز اذا ما تعرضت مصالحها للخطر.
ونسبت وكالة "مهر" الإيرانية الى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) حشمت الله فلاحت بيشة قوله انه "في حال تعرض إيران الى اي تهديد خارجي فمن حقها ان تغلق مضيق هرمز حيث ان الولايات المتحدة تدرك تماما انها ستواجه ازمة في حال حدوث اي مشكلة فيما يتعلق بتدفق النفط".
بدوره قال محمد كوثري نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني لوكالة فارس شبه الرسمية للانباء "إذا حدث أي تعطيل يتعلق بمبيعات النفط الإيراني فسيغلق بالتأكيد مضيق هرمز".
وبالعودة إلى القرار الأوروبي استمرت المحادثات المكثفة حول الحظر بين الأوروبيين حتى اللحظة الأخيرة بسبب تردد اليونان التي تعتمد إلى حد كبير على النفط الإيراني والتي سعت في البدء للحصول على مهلة عام قبل قطع الجسور.
ويفترض أن تقوم دول أخرى منتجة للنفط لاسيما في الخليج، بالتعويض عن إمدادات إيران للدول الأوروبية التي تعتمد عليها.
ولطمأنة اليونان ستناقش الدول الأوروبية القضية مجددا في الربيع. وقال مشروع البيان ان وزراء الخارجية الأوروبيين "يتعهدون بالعودة الى مسألة الدول الاعضاء التي تستورد كميات كبيرة" من النفط الإيراني، في ابريل على ابعد حد.
وتبيع إيران نحو 20% من نفطها الى دول الاتحاد الاوروبي وخصوصا اليونان وايطاليا واسبانيا. اما القسم الاكبر من صادراتها فيرسل الى آسيا، لذلك يسعى الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بشكل مواز الى اقناع الدول الآسيوية مثل الهند بالحد من وارداتها من النفط الإيراني.
وبخصوص العقوبات التي تستهدف المصرف المركزي الإيراني، فتنص على تجميد اصوله في اوروبا وحظر جزئي للتعاملات معه.
ورحبت إسرائيل بالعقوبات الاوروبية الجديدة على إيران، وصرح دان ميريدور نائب رئيس الحكومة والمكلف اجهزة الاستخبارات للاذاعة العسكرية ان "تشديد هذه العقوبات واللهجة التي اعتمدها الاوروبيون مهمة لانها تؤكد لإيران انه من غير المقبول ان تواصل برنامجها النووي".
وأضاف ميريدور أن "على إيران ان تدرك ان هناك تصميما على منعها من امتلاك السلاح النووي".
وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون صرحت عند وصولها الى بروكسل صباح أمس "سنضع اللمسات الاخيرة على العقوبات على المصرف المركزي والصادرات النفطية لإيران" لحملها "على اخذ عرضنا العودة الى طاولة المفاوضات على محمل الجد".
وكان الاتحاد الاوروبي قرر في السابق تجميد اصول 433 شركة إيرانية و113 شخصا وفرض قيود على تصدير العديد من المواد الحساسة لإيران وحظر الاستثمارات في قطاع النفط.
وفي لندن، سجلت أسعار النفط ارتفاعا طفيفا بانتظار الإعلان رسميا عن العقوبات الأوروبية على إيران.
وقد بلغ سعر برميل البرنت النفط المرجعي لبحر الشمال بعد بدء المبادلات 110.29 دولارات في لندن، بزيادة 43 سنتا عن سعر الإغلاق الجمعة.
في هذه الأثناء عبرت حاملة الطائرات الأميركية ابراهام لينكولن مضيق هرمز ودخلت الخليج رغم تهديدات من إيران، حسبما ذكرت تقارير إعلامية أمس.
وذكرت شبكة "سي.إن.إن" الإخبارية الأميركية أن حاملة الطائرات الأميركية كانت ترافقها سفن حربية بريطانية وفرنسية عندما دخلت مياه الخليج أمس الأول.
في المقابل، ندد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف امس بـ "العقوبات الأحادية الجانب" ضد إيران وذلك اثر قرار الاتحاد الاوروبي فرض حظر نفطي على طهران.
وقال لافروف كما نقلت عنه وكالة انترفاكس ردا على سؤال حول فرض حظر نفطي "ان العقوبات الأحادية الجانب لا تدفع الأمور قدما".
وأضاف: "اذا فرضنا في إطار مجلس الأمن الدولي عقوبات جماعية، فيجب أن يحترم كل العالم هذه القرارات دون ان يضيف عليها شيئا او ينتقص منها". وتابع "سنحرص على ان تمتنع كل الأطراف عن اتخاذ قرارات مفاجئة وان تستأنف المفاوضات".
من جانبها، ذكرت صحيفة "جمهوريت" التركية أمس أن تركيا ستتخذ التدابير اللازمة للتعامل مع أي ضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران.
وقالت الصحيفة إن أنقرة تتخوف من أن تستخدم الطائرات الحربية الإسرائيلية المجال الجوي التركي للانطلاق إلى شمال العراق لشن هجوم جوي ضد إيران.
وأضافت الصحيفة ان تركيا تخطط لتفعيل نظام دفاعها الجوي لطائرات(هوك 1) في محافظة "هطاي" بجنوب تركيا إذا ما حاولت إسرائيل استخدام المجال الجوي التركي لضرب إيران.
ووفق الصحيفة فإن تركيا ستسعى كذلك إلى اصدار الأوامر إلى "الاسطول 182" في محافظة "ديار بكر" بجنوب شرق البلاد باعتراض المقاتلات الاسرائيلية إذا ما حاولت توجيه هذه الضربة ضد إيران.
في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية ان إسرائيل أخبرت رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية خلال زيارته الأخيرة للبلاد بأنها ستقوم بإعلام الولايات المتحدة قبل الهجوم على إيران بـ 12 ساعة فقط.
وزعمت الصحيفة انه خلال محادثة هاتفية وصفت بالشديدة بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، رفض الأخير ان يتعهد بإعلام واشنطن بموعد الضربة قبل وقت طويل من حدوثها خوفا من فشلها.
اضف تعليق