الرئيسية » تقارير ودراسات » فوز الصدر.. نكسة لإيران وأحزاب المالكي
تقارير ودراسات رئيسى

فوز الصدر.. نكسة لإيران وأحزاب المالكي

الزعيم مقتدى الصدر بعد إدلائه بصوته في الانتخابات العراقية
الزعيم مقتدى الصدر بعد إدلائه بصوته في الانتخابات العراقية

تحليل : هبة المنسي
لاشك أن فوز مقتدى الصدر بالانتخابات العراقية شكل مفاجأة سياسية من العيار الثقيل راى بها البعض انتصاراً للاتجاه العلمانى غير أن بها أيضا إشارات مفادها أن الشعب العراقى بات رافضاً للمشروع الإيراني الطائفي وان ثمة تحولاً قد يحدث على المدى المستقبلى من شأنه تغيير شكل الحكومة والتى ظلت ماركة شيعية بامتياز طوال عقد ونصف .

نتائج الانتخابات العراقية كانت ضربة شبه قاصمة للمالكى ,رجل طهران الأول وزعيم قائمة ائتلاف دولة القانون أفقدته توازنه السياسي بل ودفعته إلى التصريح حول حدوث “خروق في العملية الانتخابية وعمليات تهديد وعيد للناخب العراقي والضغط على خياراته” تقدم على أثرها بشكوى إلى المفوضية العليا للانتخابات لفت بها إلى أن نتائج الاقتراع لم تكن وفق تصوراته لأن شعبية دولة القانون وحضورها الجماهيري ,من وجهة نظره , أكبر من هذا المستوى.

الانتخابات البرلمانية التى شكك بنزاهتها ائتلاف دولة القانون وبلغت نسبة الإقبال بها نحو 44 بالمئة،,أسفرت عن فوز قائمة “سائرون” التي يدعمها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المركز الأول في العاصمة بغداد، وحصلت على 413 ألف صوت، تلاها تحالف الفتح، ثم ائتلاف دولة القانون.

وتصدر ائتلاف “سائرون” أيضاً، محافظة واسط والمثنى وديالى ومحافظة ذي قار.وفي محافظة الأنبار حققت قائمة الأنبار هويتنا المركز الأول تلاها ائتلاف الوطنية، ثم تحالف القرار العراقي. وفي محافظة واسط أظهرت النتائج الجزئية الأولى للانتخابات فوز قائمة سائرون بالمركز الأول متقدمة على تحالف الفتح وائتلاف النصر.

ووفق النتائج تراجع تحالف النصر بقيادة حيدر العبادي ليحتل المرتبة الثالثة في ست محافظات، هي: البصرة وواسط وبابل وكربلاء وذي قار والقادسية كما حصل على المرتبة الرابعة في محافظتين وهما بغداد والأنبار.

ومع أن النتائج النهائية لم تعلن بعد إلا ان وثيقة غير رسمية تم تداولها , أظهرت نتائج الاقتراع في جميع المحافظات تضمنت فوز الصدر بأكثر من 1.3 مليون صوت و54 من مقاعد البرلمان، وعددها 329 مقعدا.وجاء العامري في المركز الثاني بحصوله على أكثر من 1.2 مليون صوت أي 47 مقعدا في البرلمان، ثم العبادي الذي حصل على أكثر من مليون صوت و42 مقعدا.

وبالرغم من أن فوز كتلة الصدر قد لاتعنى قدرته على تشكيل الحكومة المقبلة غير أن الانتخابات أيضاً بمثابة استفتاء على شعبيته لاسيما وانه قد أمضى العامَين الماضيين في العمل على تقديم نفسه في صورة جديدة، كشخصية شعبوية جامِعة تضغط من أجل الإصلاحات والحكومة النظيفةحيث يعد مقتدى الصدر، الذي يشغل تيّاره 34 مقعداً برلمانياً من أصل 328، من أبرز الداعين إلى محاربة الفساد المستشري في دوائر البلاد، وقاد احتجاجات عارمة استمرّت أشهراً فى عام 2016 لإصلاح أوضاع البلد .

ويدعم الصدر ائتلاف “سائرون”؛ المكوّن من حزب “الاستقامة” التابع لتيّاره، وأحزاب مدنية ويسارية بينها الحزب الشيوعي، في ائتلاف فاجأ الساحة العراقية؛ بسبب ائتلاف حزب بمرجعية دينية مع حزب شيوعي وأحزاب مدنية. ويستمد الصدر قدرا كبيرا من سطوته من أسرته. فوالده آية الله العظمى محمد صادق الصدر قُتل عام 1999 لمعارضته صدام حسين. كما قتل صدام ابن عم والده محمد باقر الصدر عام 1980.

السجال حول طموحات الصدر السياسية أحد ابرز الإشكاليات المقبلة, فعلى مدى ثلاث دورات انتخابية، تولّى “حزب الدعوة” منصب رئاسة الوزراء؛ عبر نوري المالكي لدورتين متتاليتين (2006 – 2014)، ثم حيدر العبادي (2014 – 2018).

وقبل أيام قدّم رجل الدين العراقي المعارض، مرشّحاً محتملاً عن الائتلاف الذي يدعمه لمنصب رئيس الحكومة العراقية المقبلة، حيث أعلن أن “علي دواي (محافظ ميسان، ينتمي للتيار الصدري) سيكون أحد مرشّحي الكتلة العابرة للطائفية (ائتلاف سائرون)، إذا فازت بعدد من المقاعد يؤهّلها لذلك”. ويشغل دواي منصب محافظ ميسان للدورة الثانية على التوالي، وله شهره واسعة في الأوساط الشعبية بجنوب العراق؛ بسبب ما يُنشر عنه في وسائل التواصل الاجتماعي من صور تظهر مخالطته للعامة.

ويقلل الباحث العراقى وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية فى بيروت دكتور رائد العزاوى ,من إعلان مرشح من تيار الصدر إذ يرى أن نتائج الانتخابات الأخيرة قد تعييد تركيب الحكومة لكنها لن تغير شكلها برمته فهناك خطوات وفقا للدستور يتم على أساسها تشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء المقبل إذ يتعين على الفائز بأكبر عدد من المقاعد، أيا كان، التفاوض لتشكيل حكومة ائتلافية، والتي من المتوقع تشكيلها خلال 90 يوما من إعلان النتائج الرسمية.

ويرجح العزاوى حدوث توافقات سياسية بين بعض الكتل أبرزها تحالف سائرون بزعامة الصدر وقائمة النصر بقيادة حيدر العبادى رئيس الوزراء الحالى بما يعنى استمرار العبادى فى منصب رئيس الحكومة. لافتاً إلى أن اختيار شخصية رئيس الحكومة تتم حسب توافقات دولية وإقليمية لذلك فإن ا لسيناريو الساطع هو أن يفوز حيدر العبادي بفترة رئاسية ثانية.

وأضاف العزاوى :” الحكومة الجديدة لن تختلف كثيرا عن سابقتها ستكون حكومة محاصصة لكن بدرجة أقل من السنوات السابقة . ونتائج الانتخابات لايمكن أن نعول عليها فى إحداث تغير جذرى بالسلطة التنفيذية لأن الورقة الرابحة تكون بيد صاحب الكتلة الأكبر “.

وحول انحسار الدور الإيرانى فى ضوء المعطيات الراهنة ونتائج الانتخابات النيابية يؤكد أن المشروع الإيرانى جزء من تحالف الفتح بقيادة هادى العامرى ومع ذلك لن يشكل أى ثقل فى الحكومة المقلبة وسيحصل على وزارة أو وزراتين فقط على أحسن تقدير وذلك لعدة أسباب أبرزها : أن نتائج التصويت تنبىء بوجود شبه وعى لدى جموع الشعب العراقى بخطورة التدخل الإيرانى وما أفضى إليه من تدهور بأوضاع البلاد ,كذلك أيضا حاجة العراقيين إلى التغيير وضرورة وجود لاعبين جدد بالساحة غير تلك الوجوه التى أضحت أوراقاً محروقة أفسدها المال السياسى ويمكن ملاحظة ذلك من خلال التصويت العقابى بالانتخابات للكتل السياسية الحاكمة التى أستاثرت بالحكم لدورتين .

“إيران برة ” هتافات هزت ساحة التحرير ابتهاجا بفوز التيار الصدرى وتنبىء بأن الطقس العراقى بات مهيأ لفتح صفحة جديدة .فعلى الصعيد الداخلى هناك فواتير مطلوب سدادها من البرلمان والحكومة، ومنها الفساد المتضخم، وتفشي المليشيات خارج الدولة، وتجريم الطائفية، وتعزيز الخدمات المحلية وجلب الاستثمارات الخارجية وصون الوحدة الوطنية.أما في الخارج، فهو تأكيد على عدم ارتهان القرار العراقي لصالح إيران أو أي طرف خارجي . لكن مقتدى الصدر الذى صرح أكثر من مرة انه يريد دولة مدنية دون قماط طائفى ودعا إيران إلى “ترك المهاترات السياسية” في المنطقة بل وزار المملكة العربية السعودية وطالب بحل فصائل الحشد الشعبى الموالية لطهران ،, يظل رهين انتماءاته المذهبية وماضيه السياسى فقد كان يدور في الفلك الإيراني ,كما ارتبط اسمه بـ “فرق الموت”، والتي تتهم بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد السنة إبان فترة الحرب الطائفية في العراق (2006 – 2008)،. والمتابع لمواقفه سيجد أنه بدلها أكثر من مرة بحسب مقتضيات المرحلة.

الشريك السياسى الجديد ورجل المرحلة المقبلة فى العراق قيد الاختبار الآن فهل ينجح فى الوقوف على الشاطىء الآخر بعيداُ عن الضفة الإيرانية أم سينحاز لطائفته ويتحالف مع العامرى أو نورى المالكى لاسيما مع وجود مخاوف لدى العراقيين من تبدل مواقفه وتلاشى وعوده الانتخابية فضلاً عن اعتقادهم بأن الفجوة بين الصدر وإيران لن تصل إلى حد القطيعة التامة وأن هناك شىء ما يحاك خلف الكواليس ,يتطلب إحداث تغييرات مرحلية..الإجابة فى رحم الأيام.