زحف هادئ بحركة الثعابين تحاول إيران من خلاله الالتفاف على العقوبات الأمريكية .ومع اقتراب موعد الحزمة الثانية التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ أوائل نوفمبر تتدحرج التساؤلات والمخاوف حول كيفية احتيال إيران لإيجاد قنوات بديلة للمراوغة وتجنب الحظر .
أذرع الحرس الثوري ستعاود فتح الأبواب الخلفية التي يتقنها مسئولوه لجني المزيد من الأرباح ، فعلى الأرجح سيقوم الحرس بتعزيز عمليات البيع في السواق الموازية وغير الشرعية والتي يسيطر عليها بالفعل من خلال ميليشيات الباسيج, وستتم عمليات التهريب تحت ستار بيع النفط الخام لجهات خاصة داخل البلاد وقد شرع النظام فى الترويج لذلك عبر تبنى حملة دعائية تتحدث عن ضرورة دعم بورصة الطاقة ,و أعلن النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري فى يوليو الماضي أن إيران ستسمح للشركات الخاصة بتصدير النفط الخام، من أجل المساعدة في التغلب على العقوبات الأمريكية.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عن جهانغيري قوله “لقد أجرينا محادثات مع الدول الصديقة وأوجدنا وسائل لبيع النفط، وسيتم عرض النفط الخام الإيراني في البورصة الداخلية، وسيتمكن القطاع الخاص من شراء النفط وتصديره إلى الخارج”.
وسبق واستخدم النظام الإيراني تلك الآلية فى عام 2012 ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن إيران تحاول بيع جزء من إنتاجها البترولي بواسطة “كونسورتيوم” خاص، في مسعى منها للالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليها.ونقلت الصحيفة حينها عن رئيس”اتحاد مصدري المشتقات البترولية” حسن خوسروجردي قوله: “الاتفاقية بين الاتحاد والمصرف المركزي الإيراني ووزارة النفط من شأنها أن تخفف من وطأة عبء الحظر الأوروبي على تأمين الشحن البحري للناقلات التي تحمل نفطا إيرانيا”..
فضلاً عن أن الواقعة التي تناقلتها وسائل إعلام إيرانية على لسان نواب بالبرلمان حول العثور على أكثر من 50 برميلاً من النفط، في شاحنة كانت في طريقها للتهريب عبر مضيق هرمز إلى جهات غير معروفة.ليست الحلقة الأولى لما يعتزم نظام الملالى تنفيذه لتهريب كميات هائلة من النفط بأساليب ملتوية ,والذي ربما يعمد ,كذلك ,إلى استخدام المدقات الجبلية الوعرة في الحدود مع باكستان وأفغانستان، ومن ثم تهريب النفط إلى تلك الأماكن ثم بيعه في السوق السوداء بأقل من السعر العالمي، أو إلى استخدام المدقات في الحدود بين العراق وإيران في إقليم كردستان العراق، ومن ثم إرسال هذا النفط في ميناء جيهان في تركيا وبيع النفط عن طريق تركيا إلى الدول الأوروبية.
سجل الحرس الثوري حافل بوقائع سابقة مماثلة تؤكد صحة التكهنات بمسارات المراوغة ,إذ تظهر الأرقام أن المليشيا والتي تسطير على ثلث الاقتصاد الإيراني جنت أرباحاً تقدر بأكثر من 12 مليار دولار أمريكي في عام2007، حينما كانت العقوبات مفروضة على الاقتصاد الرسمي،وفى عام 2014 أثناء ذروة العقوبات المفروضة تشير البيانات إلى أن إن 125 ألف برميل من النفط كانت تهرب يومياً من إيران، بالإضافة إلى منتجات نفطية بقيمة سبعة مليارات . فالحرس الثوري سيكون المستفيد الرئيسي من التوتر مع واشنطن فهو يفضل انفتاحا محدودا فقط على الغرب لحماية هيمنته على الاقتصاد.
استدارة أوروبا بدورها لالتفاف على العقوبات الأمريكية ضد طهران من خلال إنشاء كيان قانوني لإجراء معاملات مالية مع إيران،يشكل طوق نجاة إضافي لنظام الملالي , ففى الـ24 من سبتمبر الماضي أعلنت وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني، في نيويورك، أنّ الاتحاد الأوروبي سينشئ كياناً قانونياً بهدف مواصلة التجارة مع طهران، ولاسيما شراء النفط الإيراني،وذلك عبر تأسيس “منشأة ذات غرض خاص” تشبه المقاصة، بهدف إخراج إيران من التعقيدات المالية، وفي الوقت ذاته تسمح لها بالتجارة. , فالآلية التي استحدثها الأوروبيون هي أقرب ما تكون إلى نظام للمقايضة بشكل يشبه به النظام الذي استخدمه الاتحاد السوفييتي السابق إبان الحرب الباردة،على سبيل المثال،صار بإمكان إيران أن تشحن النفط إلى شركة إسبانية، وجمع أموال يمكن استخدامها للدفع لشركة تصنيع آلات ألمانية دون أن تستقر الأموال بأيدي الإيرانيين. وبذلك يمكن تبادل النفط الإيراني مقابل سلع من دون استخدام النقد بهدف الإفلات من العقوبات. ولا تريد إيران بأي حال أن ترى حصتها في سوق النفط في الأوروبي تتضاءل على نحو يشبه ما حدث في الفترة التي امتدت بين عامي 2012 و2015. ولذلك ستكون طهران على الأرجح مُنفتحة إزاء أي ترتيبات لمقايضة النفط بالسلع وفق شروط جاذبة للأوروبيين. وقد بدأت طهران بالفعل بإبرام صفقات مقايضة للنفط مقابل السلع مع عدة دول من بينها روسيا والصين والهند.
قنوات الالتفاف الإيراني تتضمن دولاُ آسيوية خاصة كوريا الجنوبية وتايوان وغيرها من الدول التي لعبت دورا، عن علم أو غير ذلك، في مساعدة إيران على التهرب من العقوبات التجارية قبل الاتفاق النووي وبعده وتحويل بعض عائدات النفط الإيراني إلى الدولار الأميركي , فوفقا لمسئولين سابقين في وزارة الخزانة الأميركية فإن نظام طهران عمد عقب فرض واشنطن غرامات على البنوك الأوروبية جراء انتهاك العقوبات, إلى التركيز على البنوك الآسيوية ولذا تتوجه أميركا نحو مراقبة تلك البنوك. وقال المسؤول السابق بوزارة الخزانة والمسئول فى البيت الأبيض خوان زاريت، والذي شارك في تأسيس شبكة النزاهة المالية، وهي مجموعة استشارية متخصصة في منع الأنشطة المالية غير المشروعة إن العديد من البنوك الآسيوية لم تتخذ إجراءات حول مخاطر التعاملات المالية غير المشروعة وبعد التدقيق في العلاقات بين البنوك الآسيوية مع إيران خلال العام الماضي، وضعت وزارة الخزانة الأميركية قائمة سوداء تضم 20 شخصا وكيانا في آسيا على قائمة العقوبات
الدينار العراقي المزيف استراتيجيه مبتكرة تبنتها طهران لتوفير احتياجاتها الدولار الأميركي عبر ضخ كميات كبيرة من عملة عراقية مزيفة بشكل يجبر المركزي العراقي على ضخ كميات مضاعفة من الدولار في الأسواق، للحفاظ على قيمة العملة المحلية، ما يتيح سيولة دولاريه أكبر، يمكن لاحقاً تهريبها إلى إيران، لتوفير حاجتها من العملة الأميركية. ولاشك أن واجهات اقتصادية، لميليشيات عراقية موالية لإيران، هي التي تنفذ هذه الاستراتيجية من خلال استخدام سطوتها في المنافذ الحدودية ، لإدخال العملة العراقية المزيفة إلى العراق والذي العراق أربعة منافذ برية مع إيران. ويرى مراقبون أن الإجراءات العراقية المشددة على الحدود لن تفلح فى إجهاض تلك الخطة وذلك بسبب حالات الاختراق التي حققتها إيران عبر سنوات هيمنتها في جسد الدولة العراقية الهش.
وعبر عقود طويلة طورت إيران من آليات وشبكات أعمل معقدة مكنتها من التحايل على العقوبات لاسيما فيما يتعلق بتدفق العملة الأجنبية والمواد الأولية فقد عمدت طهران قبل سنوات على إنشاء شركات أجنبية فى دول وسيطة تعمل كواجهة للحكومة الإيرانية , وتقوم الشركات بتنفيذ سلسلة من عمليات البيع والشراء يصعب تعقبها , وذلك قبل أن تتوجه الشحنة بنهاية المطاف لإيران .
وتحسباً للشبهات! تتنوع آليات الملالى لتحقيق ذلك, إذ عادة ما تلجأ لإنشاء شركات وسيطة بأسماء لا صلة لها بها يديرها إيرانيون مزدوجو الجنسية , كما أنها قد تعمد إلى استخدام شركات أجنبية لإجراء المعاملات مقابل عمولة فضلاً عن قيامها بإنشاء شركات لفترات زمنية قصيرة يتم إغلاقها فور انتهاء مهمتها .
تقارير أميركية لفتت إلى ضلوع طهران فى شراء مصانع بعدة دول غربية بأسماء رجال أعمال يرجون لاستقلاليتهم رغم تبعيتهم للنظام هناك . التهرب من العقوبات صار ممكنا بسبب إشراك إيران مصارف دولية إذ قامت على صعيد البنوك والمعاملات المالية بإجراءات مماثلة عبر تأسيس بنوك بأسماء غير إيرانية وإلى توسيع شراكتها في بعض البنوك الأجنبية ودفع بعض الإيرانيين بالخارج لشراء أسهم فى بنوك غربية بل وتعزيز أعداد الإيرانيين من مزدوجي الجنسية عبر إرسالهم إلى الدول التي تمنح الإقامة مقابل الاستثمار
الشبكات العنكوبتية المعقدة التي أدمنها النظام الإيراني ربما تمنحه الحياة لبعض الوقت ,لكنها واقع الأمر أشبه بميكانيزمات التدمير الذاتي للاقتصاد لاسيما مع تركيزها على مصالح النخب السياسية ومؤسساتها المختلفة وافتقارها ,بشكل مفرط ,لمتطلبات الشعب.
اضف تعليق