تجدد نزيف الدماء في مصر، وتصاعد الغضب الشعبي ضد الجيش وقوات الأمن، وبرزت مخاوف من استدراج مصر إلى فوضى، واحتشد مئات الآلاف في ميادين التحرير بمختلف المحافظات المصرية في جمعة الحداد أمس للتنديد بـ"مذبحة بورسعيد"، ومطالبة المجلس العسكري بالرحيل فوراً وتسليم السلطة لإدارة مدنية، فيما تواصلت عمليات كرّ وفرّ في محيط مبنى وزارة الداخلية بين قوات الشرطة المكلفة بتأمين المبنى، وحاصر الآلاف من جماهير "الألتراس" مبنى الوزارة، في وقت وجّهت فيه قوى سياسية عدة دعوات لإعلان الإضراب العام في البلاد، إلى حين استكمال مطالب الثورة، وانتخاب رئيس وإنهاء الفترة الانتقالية فوراً.
كارثة وشيكة
وحذر خبير أمني من أن استمرار الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن سيسفر عن كارثة غير محمودة العواقب إذا استمرت اليوم وغدا، حيث ستؤدي إلى انهيار قوات الأمن في حالة مشابهة لما حدث يوم 28 يناير من العام الماضي نظراً لعدم قدرة هذه القوات على المقاومة المستمرة لأكثر من أربعة أيام دون راحة.
واندلعت مواجهات جديدة في القاهرة بين الشرطة ومتظاهرين.
واستطاع المتظاهرون تضييق الخناق والحصار على مقر وزارة الداخلية، إذ باتوا يحاصرونها من كافة الشوارع المحيطة بها وعلى بعد عدة أمتار قليلة منها، مع استمرار حالة الكر والفر ومهاجمة قوات الأمن المكلفة بحراسة مقر الوزارة.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين ردوا برشق الحجارة قرب مقر وزارة الداخلية بعد ليلة من المواجهات خلفت مئات الجرحى. على خلفية احتجاجات عنيفة اثر مذبحة إستاد بورسعيد الأربعاء الماضي والتي أودت بحياة 74 شاباً.
وقام متظاهرون ملثمون بقطع الأسلاك الشائكة وأضرموا النيران في شارع مؤد إلى وزارة الداخلية فيما كان رشق الحجارة يتم من كل الاتجاهات. وفي وقت قال شهود وهيئة الاسعاف إن محتجا في القاهرة توفي متأثرا بجروح أصيب بها برصاص خرطوش، اعلنت مصادر طبية مقتل شخصين أمس واصابة اكثر من 1500 اخرين.
وقالت مجموعة ناشطة مطالبة بالديموقراطية "تحالف شباب ماسبيرو" إن احد اعضائها فقد عينه خلال المواجهات.
وخلت منطقة وسط القاهرة تقريبا من أي سيارات باستثناء سيارات الإسعاف التي كانت تنقل المصابين.
اقتحام مصلحة الضرائب
وتصاعدت الأحداث المؤسفة أمس عقب الانتهاء من اداء صلاة الجمعة، حيث قام عدد من المتظاهرين باقتحام مبنى مصلحة الضرائب الكائن بشارع منصور المقابل لوزارة الداخلية وقاموا بإخراج كافة محتوياته من أجهزة كهربائية وأثاث ومكاتب وتجميعها أعلى سطح المبنى لاتخاذها كسواتر.
ثم قاموا بإلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة والحجارة على قوات الشرطة المرابطة امام مقر وزارة الداخلية واحدثوا اصابات بالغة في قوات الشرطة.
وأكد المتظاهرون أن هناك أفرادا مندسين تعمل لاشعال حدة الاشتباكات وجر المتظاهرين لمزيد من الدماء بحجة الانتقام من الشرطة والدعوة لاقتحام وزارة الداخلية.
وذكر مصدر امني في بيان، أن قوات الشرطة المكلفة بتأمين مبنى وزارة الداخلية ورغم إصابة 138 ضابطا ومجندا من قوات الأمن المركزى بإصابات مختلفة وحروق وبينهم إصابة عدد 16 مجندا بطلقات خرطوش، إلا أنها ملتزمة بالتعليمات الصادرة لها بالتحلي بأقصى درجات الحكمة وضبط النفس.
وتابع قائلا "لم يتم التعامل مع تلك المجموعات إلا من خلال استخدام الغاز المسيل للدموع"، نافيا ما أُشيع عن انسحاب قوات الشرطة والأمن عن محيط مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون بماسبيرو.
اتهام الفرقة 777 العسكرية
في غضون ذلك، استقبل ميدان التحرير مسيرات ضخمة آتية من عدة مناطق في القاهرة، فيما أطلق عليه "جمعة الحداد" رافعين صور ضحايا مذبحة بورسعيد، ومرددين شعارات ضد المجلس العسكري.
وكانت المنصة الرئيسية في الميدان قد اتهمت الفرقة 777 بالقوات المسلحة (وحدة مكافحة الارهاب الداخلي) بالوقوف وراء مذبحة استاد بورسعيد.
ونادت المنصة بالعصيان المدني في جميع ميادين مصر وهتف المتظاهرون "يسقط يسقط حكم العسكر".. "وشدي حيلك با بلد"، ورفع المتظاهرون الاعلام المصرية وأعلام ناديي الأهلي والزمالك.
السويس تشتعل
هذا وتجددت الاشتباكات في السويس وأطلقت الشرطة امس الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين غاضبين بعد ليلة من اعمال العنف التي اودت بحياة 6 أشخاص.
وأعلن مستشفى السويس العام عن وصول جثتين مصابتين بطلق نارى، وهما مهنا أبو عميرة حسين 21 سنة مصاب بطلق نارى أعلى الصدر، وآخر مجهول مصاب بطلق نارى فى ظهره.
وبهذا تصل أعداد الذين لقوا حتفهم فى مظاهرات أمس الجمعة إلى 5 حالات، وجمعيهم تتراوح أعمارهم من 20 إلى 23 عاماً، هذا بالاضافة إلى مقتل شخص ضمن مجموعة من الخارجين عن القانون فى محاولة لاقتحام بنك cib بالسويس.
وعلى جانب آخر ارتفعت أعداد المصابين منذ اندلاع الأحداث والتظاهرات بالسويس، مساء الأربعاء، إلى 150 حالة إصابة، من بينهم 54 حالة بطلقات خرطوش، هذا بالإضافة إلى استقبال المستشفى الميدانى المقام بالمنطقة القريبة من مديرية أمن السويس 400 حالة إصابة "اختناق وطلقات حية وطلقات خرطوش".
وقال المسئولون عن المستشفى الميدانى، إن هناك 2 من المصابين حالتهم خطرة، ولكنهم لا يستطيعون تقديم الإسعافات اللازمة لهم أو نقلهم إلى المستشفيات، بسبب عمليات الكر والفر بين قوات الأمن والمتظاهرين.
الإسكندرية: "يا طنطاوي صح النوم.. النهاردة آخر يوم"
وشهد مقر قيادة المنطقة الشمالية العسكرية بالإسكندرية تظاهرة ضخمة من عشرات الالاف من المواطنين المحتجين، ورفع المتظاهرون صورا للعديد من الشهداء الذين لقوا مصرعهم بأحداث بورسعيد.
شارك بالتظاهرات حركات: كفاية ولازم و6 أبريل وائتلاف شباب الثورة بالإسكندرية وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي وأعداد كبيرة من جماهير الألتراس. وردد المتظاهرون، هتافات من أبرزها "يا طنطاوي صح النوم النهاردة آخر يوم.. يا عنان صح النوم النهاردة آخر يوم"، و"يسقط حكم العسكر مصر دولة مش معسكر".
المنصورة
وانطلقت مساء أمس شرارة المواجهات بين شباب الألتراس ورجال أمن الدقهلية أمام مديرية الأمن الكائنة بشارع الجمهورية (شارع البحر) والممتد لمسافة خمسة كيلوات ، حيث استخدم رجال الأمن سيارات الانتشار المصفحة لمطاردة شباب الألتراس.
وانضم إلى الالتراس بعض المتحمسين من شباب الحركات الشبابية ليرد الأمن بضرب القنابل المثيرة للدموع يقابلها رد لبعض الشباب بالحجارة والطوب وذلك في الشوارع الجانبية متمثلة في السكة الجديدة والقديمة وشارع بورسعيد وحتى ميدان هابي لاند.
وأصيب العشرات باختناقات بسيطة، كما أصيب ضابط وجندي من جانب الشرطة ولازال الكر والفر مستمرا في مشهد أقرب لحرب الشوارع.
وأكد شهود العيان أن شرارة الالتحام جاءت مع مسيرة في الثامنة انطلقت من أمام محافظة الدقهلية للألتراس أهلاوي ورغم أنها سلمية إلا أن بعض المتحمسين قاموا بإلقاء بعض الحجارة والتي رد عليها الأمن بالتحذير ثم المطاردات الحالية.
اضف تعليق