الرئيسية » سوشيال ميديا » أزمة الملف النووي تسرع بانهيار نظام “الملالي”
تقارير مصورة فيديو

أزمة الملف النووي تسرع بانهيار نظام “الملالي”

دخلت حكومة الرئيس حسن روحاني ممرات النفق المظلم بعد تزايد احتمالات إقدام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووي، أو على الأقل اتخاذ خطوات من شأنها التأثير على استمرار العمل به خلال الفترة القادمة، مما يهدد نظام “الملالي” ويضعه في مفترق طرق.

وقد شهدت أروقة اتخاذ القرار داخل الحكومة الايرانية حالة من الترقب ،حيث سعت إلى الترويج لخيارات أخرى قد تلجأ إليها للتعامل مع هذا المسار في المرحلة القادمة.

وأعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أن بلاده أعدت الآليات اللازمة في حال انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي الموقع بين طهران ودول مجموعة ( 5 + 1).

وقال النائب في البرلمان حسين دليكاني إن ظريف أبلغ البرلمان في جلسته المغلقة لمناقشة التطورات الاقليمية والدولية بأنه تم اتخاذ الآليات اللازمة في حال انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي.

ونقل دليكاني عن ظريف قوله إن الآليات قد أعدت في ايران لجميع السيناريوهات الاحتمالية للحكومة الأميركية ،مشيرا الى وجود تنسيق بين المسؤولين الايرانيين حول هذا الموضوع، وسيعمل الجميع بالمهمات المناطة لهم.

وأشار ظريف الى التهديدات الأميركية بشأن الحرس الثوري الايراني قائلا إنه “في حال نفذوا تهديداتهم فإن ايران والنظام كله سيقف بوجه الأميركيين ،وسيردون عليهم بالمثل، ومن البديهي سيكونون هم الخاسرون جراء هذا العمل”.

وأكد مراقبون سياسيون أن التوتر داخل الحكومة الايرانية يزداد يوما بعد يوم ،وخاصة أنه من المقرر أن يقدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في موعد أقصاه ال 16 من أكتوبر المقبل وفقا للقوانين المعمول بها في الولايات المتحدة تقريرا للكونجرس حول التزام أو عدم التزام ايران بالاتفاق النووي.

وكان البيت الابيض قد أكد مؤخرا أن ترامب سيعلن عن ردود فعل أميركية جديدة على اختبارات إيران الصاروخية ودعمها “للارهاب وهجماتها الإلكترونية” في اطار استراتيجيته الجديدة للتعامل مع ايران.

خيارات مطروحة امام إيران
ومن هنا يمكن أن نقول أن الخيارات المطروحة امام إيران لا تنحصر فقط في العودة إلى تنشيط البرنامج النووي من جديد، واستعادة المستوى الذي كان عليه قبل الوصول للاتفاق النووي الذي فرض قيودًا عليها في هذا السياق.

بل إن أحد أهم هذه الخيارات يتمثل في استمرار العمل بالاتفاق بدون الولايات المتحدة الأميركية، أى تطبيق بنود الاتفاق من جانب إيران وكل من الدول الأوروبية وروسيا والصين، باعتبار أنها الأطراف التي تفاوضت مع إيران للوصول إلى الاتفاق والتي تبدي اهتمامًا خاصًا بمواصلة تطبيقه خلال المرحلة القادمة.

لكن المراقبين قد أشاروا إلى أن هذا الخيار سوف يرتبط بمتغير أساسي، وهو استمرار هذه الأطراف نفسها في العمل بالاتفاق والتزامها بالبنود التي يتضمنها، دون أن تقترب من الموقف الأميركي إزاء بعض الملفات الخلافية، على غرار ملف الصواريخ الباليستية أو تفتيش المنشآت العسكرية.

ووفقًا لرؤية الاتجاه المؤيد لهذا الخيار، فإن ذلك يمكن أن يحقق نتائج إيجابية عديدة لإيران، يتمثل أولها، في أنه سوف يساهم في تحسين صورة إيران على الساحة الدولية، خاصة أنه سيثبت للقوى الدولية أن إيران قادرة فعلاً على الانخراط في التزامات دولية صارمة على غرار الاتفاق النووي، على عكس الإدارة الأميركية، التي ستتحمل، طبقًا له، المسئولية الدولية في هذه الحالة عن تعزيز احتمالات انهيار الاتفاق.

ويعود ثاني النتائج الايجابية، إلى أنه سوف يبقي على احتمالات حصول إيران على مزيد من العوائد الاقتصادية للاتفاق، لا سيما فيما يتعلق بإبرام مزيد من الصفقات الاقتصادية مع الشركات والمصارف الدولية، خاصة الأوروبية والآسيوية، بشكل يمكن أن يدعم قدرة الحكومة على التعامل مع المشكلات الاقتصادية التي ما زالت قائمة.

ويتعلق ثالث هذه النتائج، بأنه سيجنبها المغامرة بدعم احتمالات إعادة طرح الخيار العسكري ضدها من جديد للتعامل مع أزمة ملفها النووي، في حالة ما إذا اتجهت في النهاية إلى تطوير البرنامج مرة أخرى ورفع مستوى عمليات التخصيب بدرجة يمكن أن تقربها من مرحلة امتلاك القدرات اللازمة لإنتاج القنبلة النووية، وهو خط أحمر لن تسمح به الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.

ومن هنا، حرص بعض المسئولين الإيرانيين على التقليل من أهمية الانسحاب الأميركي المحتمل من الاتفاق النووي، وعلى الإشارة إلى إمكانية مواصلة تطبيقه في حال حدوث ذلك، من خلال التوافق بين إيران والقوى الدولية الأخرى المعنية باستمراره.

وعلى النقيض تماما، هناك اتجاه يعارض لمواصلة العمل بالاتفاق النووي في حالة الانسحاب الأميركي حيث وجهت انتقادات قوية للمبادرات التي طرحها الفريق المؤيد.

رود الفعل الاميركية
وعلى الجانب الأميركي تباينت ردود الفعل ،وعكست عدم الارتياح لقرارات ترامب ،أو على الاقل التأكيد على التمهل في اتخاذها ،حيث قال السيناتور كريس ميرفي عضو مجلس الشيوخ الأميركى: إذا ما قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي بين ايران مع الدول الست الكبرى والذي توصلت اليه إدارة سلفه باراك اوباما في يوليو 2015، فإن ذلك سوف يؤذي الولايات المتحدة ويفيد إيران.
وأوضح السيناتور ميرفي أن “الرئيس على وشك أن يجرح نفسه وبلدنا بالانسحاب من هذا الاتفاق”، مضيفا أنه إذا انسحبت أميركا فإن إيران “سوف تعود إلى مسار تطوير السلاح النووي، وسوف يحصل الإيرانيون على كل شيء يريدونه”.

وأكد ميرفي أنه إذا خرجت الولايات المتحدة من الاتفاق، ستواصل إيران الاستفادة من تخفيف العقوبات من قبل الدول الأخرى الأطراف في الاتفاق، وهذه الخطوة سوف تجعل طهران تبدو وكأنها ضحية، متهما ترامب بإضعاف الجهود الدبلوماسية الأميركية، خاصة التي يبذلها وزير الخارجية ريكس تيلرسون.

سحب الثقة من الاتفاق النووي
وكشفت مصادر أميركية مسؤولة أن ترامب يخطط لإعلان أن الاتفاق النووي الإيراني، الذي توصلت إليه أميركا والقوى الغربية مع إيران في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، “ليس في صالح” الولايات المتحدة.

وقالت المصادر إن ترامب يستعد لـ”سحب الثقة” من الاتفاق النووي الإيراني، ومنح الكونغرس مهلة لمراجعة الاتفاق.
وأوضحت أن القرار الذي سيتخذه ترامب لن يصل إلى حد “هجر الاتفاق بشكل كامل”.

وأضافت أنه بسحب الثقة من الاتفاق، فإن ترامب سيلقي بالكرة في ملعب الكونغرس، الذي سيكون أمامه 60 يوما لتحديد النهج الذي ستتبعه الولايات المتحدة تجاه الاتفاق.

وفى نفسي السياق حذر الكرملين اليوم من “عواقب سلبية” إذا ما قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي بين ايران.

ويؤكد مسؤولون اميركيون أن ترامب لن يلغي الاتفاق، لكنه سيفتح الباب امام الكونغرس لامكانية فرض اجراءات جديدة لمعاقبة طهران على تصرفات اخرى لم ترد في الاتفاق.

رد الفِعل الأوروبي
أما رد الفِعل الأوروبي على أيّ انسحابٍ أميركي من الاتفاق فسيكون على درجة كبيرة من الأهميّة لعدّة أسباب:

أولاً: معارضة الدّول الأوروبيّة الثّلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، للانسحاب من الاتفاق وتمسّكها به، يَعني حدوث شرخ كبيرٍ في المعسكر الغربي.

ثانيًا: دَعم أوروبا للانسحاب الأميركي يعني انهيار الاتفاق والوقوف خلف خيارات الرئيس ترامب السياسية، وربما العسكريّة ضد إيران، الأمر الذي سَيؤدي إلى التّصعيد وعودة الحِصار، وربما الانزلاق إلى مواجهة عسكرية.

ثالثًا: اصطفاف روسيا والصّين خلف إيران، وزيادة تعاونهما العَسكري والتّقني معها، لأن الانسحاب من الاتفاق يجعلها في حل من أيّ حرج من جراء استمرار هذا التّعاون، ولاحظنا أن روسيا لم تسلم صواريخ “إس 300? لطهران إلا بعد توقيع الاتفاق.

رابعًا: إلغاء الاتفاق، أو انسحاب أميركا منه، سيضعف مِصداقيّة الولايات المتحدة كدولةٍ عظمى تَحترم الاتفاقات التي توقع عليها، ممّا يَزيد التّعاطف الدّولي مع إيران، وعَزل أميركا، أو بالأحرى إدارتها الحاليّة على الأقل.

تأثير القرار الأميركي على الشرق الاوسط
انعكاسات أي قرارٍ أميركي بالانسحاب من الاتفاق النّووي مع إيران، أو استمرار الالتزام به ستَكون واضحة، بل على درجةٍ كبيرة من الأهميّة على منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج تحديدًا وهُناك احتمالان في هذهِ الحالة:

الأول: أن تتراجع إدارة ترامب عن الانسحاب من الاتفاق، وتغطّي انسحابها بالمطالبة بتَعديله، وإضافة بند جديد يطالب بوَقف إيران لتَجاربها الصاروخيّة الباليستية، وهذهِ الصيغة ربما تَجد بعض التّجاوب أوروبيا، لأنها تعني تأجيل الأزمة، وكسب الوَقت.

الثاني: أن تنسحب أميركا من الاتفاق كليا، وتعلن الحرب السياسية، وتَبدأ التحريض ضد إيران، وتعيد الحِصار الاقتصادي الذي كان مفروضًا عليها قبل الاتفاق كاملاً، وهذا يَعني إعلان حرب، وبدء تشكيل تحالف سياسي وعسكري ضد إيران.

إن انسحاب أميركا من الاتفاق النووي يضع نظام”الملالي” بين فكي كماشة ،حيث يضيق الخناق على إيران ،ويضعها في حالة إذعان للمطالب والشروط الأميركية ،والتي تهدف إلى تقليم أظافر الثعالب الفارسية ،ونزع مخالبها ،ولن تجدي سيناريوهات ايران الفاشلة في مواجهة المفاجآت الأميركية ، وخاصة بعد أن كشفت مصادر رفيعة المستوى أن هناك تحركات سريعة تتخذها ادارة الرئيس الأميركي ترامب بالتنسيق مع قوي دولية واقليمية لاظهار إيران في موقف العاجز عن تلبية الشروط والبنود الجديدة التي تود أميركا اضافتها للاتفاق ،وهى شروط تعجيزية ،تهدف إلى تقويض نظام “الملالي ” من جذوره ،وليس تحجيم برنامجه النووي ،وهو ما يعني أن العد التنازلي لانهيار واسقاط الدولة الايرانية قد بدأ بالفعل ،وأن الأمر يتوقف على اختيار ترامب لساعة الصفر الحاسمة.