الرئيسية » تقارير ودراسات » الغموض سيد الموقف …ماذا يحدث فى السودان ؟
تقارير ودراسات رئيسى

الغموض سيد الموقف …ماذا يحدث فى السودان ؟

https://www.turkeynow.news/media/image/870/490/2021/10/16351520980.jpg

فى ظل  أزمة حادة ناجمة عن تناحرعلى مدى عامين أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي يرأس المرحلة الانتقالية في السودان الاثنين حل مجلس السيادة والحكومة برئاسة عبدالله حمدوك الذي أعتُقل فجرا مع عدد من الوزراء والسياسيين في ما وصفه محتجون ب”الانقلاب”.

ماذا حدث ؟

قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، إن الشعب السوداني رفض أن تحكمه فئة لا تؤمن بالحرية والعدالة، مضيفًا: «عندما هتف الشباب في ثورة ديسمبر بمطالبهم، استجابت القوات المسلحة، وسعت لتحقيق حلمهم لبناء الوطن الذي ينعم بالحرية والسلام والعدالة».

وأضاف خلال كلمته اليوم، أن الشعب السوداني يستحق أن يكون له وطن ينعم بالحرية والسلام والعدالة؛ لافتًا إلى أن الفترة الانتقالية الراهنة قامت على أساس مرحلي وهو التراضي بين الشركاء المدنيين والعسكريين؛ ولكن التراضي انقلب إلى صراع بين القوى السياسية.

وأشار إلى وجود انقسامات داخلية تهدد أمن البلد وشعبه، مؤكدًا اعتراف رئيس الوزراء بهذا الأمر؛ ما دفع القوات المسلحة للتدخل وتحمل مسؤوليتها.

وتابع: «تشبث بعض القوى السياسية، وتكالبها نحو السلطة، وتحريضهم على الفوضى والعنف، دون أي مراعاة للمقدرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ وكان لزاما علينا التدخل لحفظ مقدرات الثورة المجيدة، من أجل الوصول إلى دولة مدنية كاملة عبر انتخابات حرة ونزيهة».

سبق وأفادت وزارة الإعلام السودانية، بأن رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، نُقل إلى مكان مجهول بعد رفضه إصدار بيان يدعم الانقلاب العسكري الجاري، مضيفة أن أعضاء في مجلس السيادة الانتقالي من المكون المدني وعددا من وزراء الحكومة الانتقالية قد اعتقلوا.

وكانت الوزارة قالت في وقت سابق الاثنين إن القوات العسكرية المشتركة التي تحتجز حمدوك قيد الإقامة الجبرية تضغط عليه لإصدار بيان مؤيد. واستشهدت بدعوة حمدوك الشعب السوداني إلى مقاومة محاولة الانقلاب بالطرق السلمية و”الدفاع عن ثورتهم”.

التحركات العسكرية فجر الإثنين، واعتقالات لوزراء من الشق المدني للمجلس الانتقالي في البلاد، تبعها دعوات للنزول إلى الشوارع من جانب تجمع المهنيين السوداني للتصدي لهذه التحركات في البلاد،. وأظهرت الصور الملتقطة من الخرطوم اليوم الإثنين مشاهد من تجمع حشود من المواطنين في العاصمة السودانية.وسار المناهضون للحكم العسكري في شوارع الخرطوم وسط إطارات محترقة وفي شوارع فارغة من السيارات والمارة.

خلفيات الصراع

ماحدث  فى السودان ليس وليد عشية وضحاها لاسيما وأن التوتر بين شريكي الحكم المدني والعسكري بات عصيا على الإصلاح و تتعلق إحدى نقاط التوتر بالسعي لتحقيق العدالة بشأن مزاعم ارتكاب الجيش السوداني وحلفائه جرائم حرب في الصراع في دارفور منذ عام 2003.وتسعى المحكمة الجنائية الدولية إلى محاكمة البشير وسودانيين آخرين مشتبه بهم، بينما وافق مجلس الوزراء المدني على تسليم المشتبه بهم، لكن مجلس السيادة لم يفعل.

نقطة أخرى هي التحقيق في قتل متظاهرين مطالبين بالديمقراطية في الثالث من يونيو 2019، في واقعة اتجهت فيها أصابع الاتهام لقوات عسكرية. ويثير التأخر في نشر نتائج هذا التحقيق غضب الناشطين وجماعات مدنية.

كما ضغط المدنيون من أجل الرقابة على الجيش وإعادة هيكلته، لا سيما من خلال دمج قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي لها وضع قوي، وهو الأمر الذي يعارضه القادة العسكريون.

وفى 30 من أيلول/ سبتمبر،شهدت البلاد  استجابة لدعوة تجمع المدنيين السودانيين ودعما لأهداف الثورة ومدنية الدولة، وسط خشية المتظاهرين من محاولات للانقضاض على ثورتهم.

وطالب المتظاهرون بإنشاء “مجلس تشريعي ثوري حقيقي، وإلغاء مجلس شركاء الفترة الانتقالية، وإعادة هيكلة القوات النظامية، وإصلاح القضاء، وتشكيل المحكمة الدستورية”.

وعلى الجانب الآخر اتهم الجيش الأحزاب المدنية بسوء الإدارة واحتكار السلطة. وانحاز ائتلاف من جماعات معارضة وأحزاب سياسية مع القوات المسلحة وسعوا لحل مجلس الوزراء المدني.وقالت السلطات في سبتمبر إنها أحبطت محاولة انقلاب واتهمت متآمرين موالين للبشير.

 

وكان السودان قد بدأ مسيرة التحول إلى الديمقراطية بعد انتفاضة شعبية في أبريل عام 2019 أطاحت بحكم عمر حسن البشير، وهو إسلامي نأى عنه الغرب وحكم البلاد لنحو 3 عقود.وبموجب اتفاق أُبرم في أغسطس 2019، يتقاسم الجيش السوداني السلطة مع مسؤولين معينين من جماعات سياسية مدنية داخل مجلس السيادة الحاكم الذي كان من المقرر أن يقود البلاد لانتخابات بحلول نهاية عام 2023.

العامل الاقتصادى كان حاضراً بقوة فى المشهد المتفاقم من الأساس فقد نفذت الحكومة الانتقالية إصلاحات قاسية وسريعة تحت إشراف صندوق النقد الدولي في محاولة نجحت في جذب التمويل الأجنبي وتخفيف الديون.وفي أعقاب الإصلاحات، ارتفع التضخم إلى مستويات قياسية تجاوزت 400 في المئة. ويشكو معظم السودانيين من صعوبة تدبير أمورهم المعيشية.مما أفضى إلى اندلاع احتجاجات على الأوضاع الاقتصادية من حين لآخر.

و قد أثارت تصريحات البرهان، بشأن وصاية الجيش على البلاد، ومهاجمته للمدنيين في مجلس السيادة الحاكم، اعتراضات ومخاوف كثيرة بشأن نوايا المكون العسكري في المجلس، الذي يقود المرحلة الانتقالية، واعتبر وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني خالد عمر يوسف، أن حديث البرهان عن وصاية الجيش على البلاد، بسبب الانقسامات السياسية، يمثل تكرارا لتاريخ الانقلابات السابقة في البلاد وتهديدا مباشرا للمرحلة الانتقالية.

محاولات سابقة

وقعت محاولات انقلاب سابقة في السودان منذ الإطاحة بالبشير ألقى مسؤولون باللوم فيها على أنصار الرئيس السابق وأعضاء حزبه المنحل.

وهناك تاريخ طويل من الانقلابات في السودان، إذ وصل البشير نفسه، الذي كان لواء سابقا، إلى السلطة بعد الانقلاب العسكري المدعوم من الإسلاميين في عام 1989.ومازال الرئيس السابق محتجزا منذ الإطاحة به في سجن كوبر شديد الحراسة بالخرطوم، ويواجه المحاكمة بسبب الانقلاب الذي أوصله إلى السلطة.

 

البعد الإقليمي

تطورات الاحداث ربما تكون ـ”أخطر أزمة سياسية وأمنية” منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، لن تقتصر تداعياتها على السودان فحسب , وإنما ترتبط في مجملها بحزمة تهديدات مباشرة وغير مباشرة بأطراف إقليمية تراقب مسارات الأحداث  بقلق بالغ

ويقع السودان في منطقة مضطربة يحدها البحر الأحمر والساحل والقرن الأفريقي.وتأثر عدد من جيران السودان، مثل إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان، بالاضطرابات السياسية والصراعات.

ومنذ أواخر العام الماضي، دفع الصراع الدائر بمنطقة تيغراي الإثيوبية عشرات الآلاف من النازحين إلى شرق السودان وأثار توترا عسكريا على أراض زراعية محل نزاع على الحدود.ويسعى السودان، مع مصر، للتوصل إلى اتفاق ملزم حول تشغيل سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا بالقرب من الحدود السودانية.

سيناريوهات متفاوتة

الغموض لايزال سيد الموقف بالمشهد السودانى بينما يراهن مكونا السلطة بشقيها  المدنى والعسكرى على الشعب  ومع ذلك يتخوف المراقبون من عودة عصر الفوضى والعقوبات , كما وصف سفير مصر في السودان سابقا، محمد الشاذلي، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، ما يحدث من تطورات في السودان بـ “الوضع المؤسف”، موضحا أن إلغاء الاتفاق الدستوري ووضع رئيس الوزراء قيد الإقامة الجبرية مع اعتقال عدد من المسؤولين والوزراء، والسيطرة على مبنى التلفزيون، وإغلاق مطار الخرطوم، وتعليق الرحلات الجوية وقطع الاتصالات والإنترنت، وغيرها من التطورات المتتالية خلال الساعات الماضية، هي تحركات “تضرب التسوية السلمية في السودان، وتعيد البلد إلى المربع الأول من جديد”.

ويعتقد بأن تلك التطورات تقود إلى “عودة الفوضى للسودان، وعودة العقوبات والإدانات الدولية”، فيما لم يستبعد تكرار سيناريوهات “خطيرة” على أرض السودان، مثل السيناريو السوري أو الليبي، مستدلا على ذلك بأن هناك حالة تمرد مسلح في مناطق بعينها، ومؤخرا أزمة الشرق وكلها دلالات “لا تبشر بالخير”.

ويتحدث المسؤول السابق عن تداعيات تلك التطورات على دول الجوار، بالإشارة إلى أن أي اضطراب وعدم استقرار دائما ما ينعكس على البلاد المحيطة، سواء لجهة توافد المهاجرين، وكذا التأثير على العلاقات التجارية والاقتصادية.وأوضح أنه كانت هناك “مشروعات مبشرة بالخير مع مصر، من المرجح أن تتأثر بحالة عدم الاستقرار داخل السودان”.

المصدر : وكالات