نظم معارضون لمشروع "قانون تحصين الثورة" أمس السبت تظاهرة احتجاجية امام مقر المجلس الوطني التاسيسي التونسي (اعلى سلطة في البلاد) الذي كان وافق الجمعة على مناقشة مشروع القانون "فصلا فصلا" باغلبية 96 صوتا ومعارضة 36.
ويهدف مشروع القانون الى منع مسؤولي نظام الرئيس المخلوع في 2011 زين العابدين بن علي، من الترشح للانتخابات الرئاسية أو ممارسة أي نشاط سياسي رسمي أو تولي أي منصب في الدولة خلال سبع سنوات من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ.
ورفع المتجمعون شعارات مثل "لا للاقصاء ولا للعقاب الجماعي" و"نريد دولة مدنية ديموقراطية لا للفكر الرجعي".
وندد المحتجون بسياسة حزب النهضة قائلين انه يريد ارساء ديكتاتورية جديدة في البلاد.
وقدم مشروع قانون تحصين الثورة حزب المؤتمر من اجل الجمهورية احد الاحزاب الثلاثة الحاكمة في تونس.
ويقول انصار مشروع القانون انه يهدف الى تحصين الثورة من احتمال عودة مسؤولي حزب بن علي الى الحكم.
في المقابل ترى احزاب معارضة ان غايته اقصاء خصوم النهضة ومنعهم من حقهم في ممارسة السياسة.
و تؤكد شخصيات سياسية كبيرة وناشطون حقوقيون وشريحة من المجتمع المدني أن هذا القانون يخدم مصالح سياسية، ومؤهل ليكون أداة صراع على السلطة بين الفرقاء الذين يسعون إلى إقصاء من يعتبرونهم خطرا على مستقبلهم وإزاحتهم عن طريقهم.
وقال الخبير القانوني قيس سعيد في وقت سابق للقناة الوطنية التونسية أن هذا القانون صار محل مزايدات سياسية وأن "الشعب قادر على حماية ثورته دون تدخل أحد. الشعب يجب أن يشارك في الثورة عبر استفتاء إذا لا يمكن لنواب تم انتخابهم في مرحلة ما أن يتحكموا بمستقبل الحياة السياسية للبلاد".
وأجمعت أحزاب الاتحاد من أجل تونس وعلى رأسها حركة نداء تونس على رفضها القاطع لقانون تحصين الثورة. واعتبر الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس، أن تمرير هذا القانون هو بمثابة نزع الجنسية التونسية عن المعنيين بهذا القانون، وأن تحصين الثورة الفعلي هو تحقيق أهداف هذه الثورة وأن تستجيب الحكومة للعديد من الاستحقاقات من سن دستور وإنجاز انتخابات في أقرب وقت والحد من البطالة وارتفاع الأسعار ومكافحة الفقر والتهميش.
وقال الباجي قائد السبسي في حواره مع فرانس 24 "هذا القانون خطيئة. هذا ليس تحصينا بل تهديما للثورة. إنه قانون تصفية حسابات مع الماضي في حين أنه من الأحسن أن ننظر إلى المستقبل".
وحتى داخل حركة النهضة الحاكمة لا يحظى القانون بالاجماع على ما يبدو، فقد قالت النائبــة بالمجلس الوطني التأسيسي عن حركــة النهضــة سعاد عبدالرحيم أن بعض القيادات في الحركــة رافضــة لقانون تحصين الثورة وفق تعبيرها.
وقالت عبدالرحيم في حوار مع صحيفة "التونسية" أمس السبت "سَبق وأن تناقشت مع بعض القيادات حول هذه المسألــة، وهناك من صرح برأيــه المعارض لهذا القانون الاقصائي، في حين هناك من احتفظ وتستر على رأيــه".
وفيما يتعلق برأي زعيم الحركــة راشد الغنوشي حول قانون الاقصاء، شددت سعاد عبدالرحيم على أنها تجهل تماما رأيــهُ حول الموضوع، مضيفــة "ولكني احسست أن في تصريحاتــه محاولــة لإيجاد مخرج " بحسب تعبيرها.
واليوم قال الغنوشي إن حركة النهضة لاتزال مع قانون تحصين الثورة لمنع الإفلات من العقاب على حد تعبيره.
ويتساءل مراقبون ومعارضون في تونس حول نوايا هذه المحاسبة. فإن كان هدف الكتل التي دعت إلى العزل هي خدمة مصلحة الوطن العليا، فلماذا لا يتم فتح أرشيف البوليس السياسي وعرض الملفات على القضاء ليقول كلمة الفصل بحق كل من أجرم بحق التونسيين؟
اضف تعليق