انتهى سيناريو التوافق بين أميركا وروسيا وايران ،داخل الساحة السورية ،وبدأت الاطراف المتصارعة في الكشف عن نوايا الصدام عبر رسائل متبادلة، تشير بشكل قاطع إلى نوع من الرفض الايراني للوجود الأميركي على الأراضي السورية ، بما يشي باندلاع مواجهات عسكرية في القريب العاجل ،تضع المنطقة كلها على شفا حرب كونية ،بسبب الحرص الروسي على دفع العلاقات الأميركية الايرانية المتأزمة في هذا الاتجاه .
فماهى حقيقة الموقف الايراني من خطة التقسيم ،وهل تقبل أميركا أن تخرج من اللعبة السياسية بخفي حنين ،وماهو دور الدب الروسي بين طرفي هذه المعادلة الصعبة؟هذا ما تدور أصداؤه داخل دوائر صناعة القرار الأميركي، بعد تلقي عدد من التحذيرات الايرانية بضرورة انسحاب الجنود الأميركان ،وعودتهم الى سكناتهم، ونفض اليد من الأزمة السورية؟
فقد كشفت مصادر مطلعة لـ”الوطن العربي” أن قائد الحرس الثوري الإيراني العميد قاسم سليماني أرسل رسالة شفهية رسمية عبر روسيا إلى قائد قيادة القوات الأميركية في سوريا، مشيرا فيها إلى ضرورة سحب جميع القوات الأميركية من سورية حتى آخر جندي أو أن “أبواب الجحيم سوف تفتح عليهم”.
“رسالتي إلى القيادة العسكرية الأميركية: عندما تنتهي المعركة ضد داعش، لن يتم التسامح مع أي جندي أميركي في سوريا، أنصحك بمغادرة إرادتك أو ستضطر إلى ذلك “، قال سليماني الرسالة إلى ضابط روسي.
وطلب سليماني من الضابط الروسي أن يعلن النوايا الإيرانية تجاه الولايات المتحدة وأنها ستعتبر قوات احتلال إذا ما قررت البقاء في شمال شرق سوريا حيث يتعايش الأكراد والقبائل العربية معا.
واضافت المصادر ذاتها أن الروس ليسوا بالضرورة ضد الوجود الأميركي ، ويمكنهم التكيف مع ذلك بعد تحديد خطوط ترسيم الحدود لتجنب أي اشتباك، ولكن إيران لديها موقف واضح وقررت عدم التخلي عن الرئيس السوري وحده لمواجهة القوات الأميركية .
وكانت رسالة سليماني إلى الولايات المتحدة تشير بوضوح إلى الوعد بتدابير مفاجئة ضد الولايات المتحدةحيث قال: “ستواجه أميركا جنود وقوات لم تواجههم من قبل في سوريا، وستغادر البلاد عاجلا أو آجلا”.
و كشف إيليا ماغنير، كبير مراسلى الحرب الدولية في الشرق الأوسط أن روسيا نقلت إلى الولايات المتحدة أن إيران ستبقى في سوريا طالما يرغب الرئيس الأسد، ويصر على تحرير كامل الأراضي من جميع القوات دون استثناء.
وأكدت روسيا للولايات المتحدة عزمها الامتناع عن تقديم أي دعم جوي لإيران وحلفائها في حالة الهجمات على القوات الأميركية.
ومن وجهة النظر الروسية، فإن النزاع بين إيران والولايات المتحدة ليس مقلقا بالنسبة لها ،ولا تضعه على جدول أعمالها.
وقال مدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو الأسبوع الماضي إنه بعث برسالة إلى سليماني يعرب فيها عن قلقه ازاء اعتزام ايران مهاجمة المصالح الاميركية قائلا: “سيحمل السليماني وايران المسؤولية عن اي هجوم في العراق”.
وأكد محمد محمدي غولبايغاني مساعد كبير لجماعة اية الله العظمى علي خامنئي إن بومبيو حاول ارسال رسالة لكنه قال إن “سليماني رفض قراءتها او اعطائه أي رد عليها لأنه ليس لديه أي شيء اضافي”.
وتعتقد مصادر في المنطقة أنه ليس من المستبعد أن تكون الجماعات الكردية التي تعمل في الحسكة (المقاطعة الشمالية الشرقية من سوريا) والمخلصين لحكومة دمشق على استعداد لقيادة الهجمات ضد القوات الأميركية.
وظلت العديد من هذه الجماعات موالية لسوريا: فهي ترفض أي قوات احتلال على أرضها أو تقسيم البلاد.
وفي الوقت نفسه، يقارن الحسكة 2018 على نطاق واسع بعام 1983 في بيروت حيث قتل مئات من مشاة البحرية الأميركية ومظليين فرنسيين في أعقاب الهجمات الانتحارية المزدوجة التي قام بها الإسلاميون في الحرب الأهلية اللبنانية.
وأصبحت القوات المتعددة الجنسيات معادية بدلا من حفظة السلام واضطرت إلى الخروج بسرعة من لبنان نتيجة لهذا الهجوم، ويمكن للمستقبل أن يعكس هذه الأحداث الماضية.
اضف تعليق