الرئيسية » تقارير ودراسات » كيف تمكن الرئيس ” نور سلطان نزارباييف ” من وضع دستور جديد لدول “قزوين”؟
تقارير ودراسات رئيسى

كيف تمكن الرئيس ” نور سلطان نزارباييف ” من وضع دستور جديد لدول “قزوين”؟

دستور جديد تم صياغة بنوده اليوم بقيادة عراب الدبلوماسية الكازاخية الرئيس نور سلطان نزارباييف  إذ تم التوصل إلى اتفاق تاريخى يستهدف زيادة التعاون بين البلدان المتشاطئة على بحر قزوين وإنهاء المشاكل القانونية العالقة بينها والمستمرة منذ ما يضاهى  الـ 20 عامًا .

القمة المتعلقة بالتعاون في أكبر بحر مغلق في العالم والتي تزين مرفأ أكتاو غرب كازاخستان لاستقبال رؤساء دول روسيا وإيران وأذربيجان وتركمانستان بالإضافة إلى كازاخستان  تم التوصل خلالها إلى إطار قانوني،يرمى إلى  زيادة التعاون بين البلدان المتشاطئة على البحر، وإيجاد حلول لمسألة تقسيم ثرواته بما يرضي جميع الأطراف، بشرط عدم وجود تدخلات من دول أجنبية غير مطلة على البحر في الأمر، أو أي أعمال عسكرية أو بناء قواعد أجنبية أو مرور سفن حربية.

رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف، اعتبر هذه الاتفاقية دستورا لبحر قزوين، فهي مصممة على حل جميع القضايا المتعلقة بحقوق والتزامات الدول الساحلية، وبذلك  تصبح الضامن للأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة ككل وأوضح نزارباييف أنه “في سياق إعداد الاتفاقية، شرعت جميع الدول في تحقيق مصالحها في إطار ضمان الاستقرار السياسي وتطوير منطقة بحر قزوين والحفاظ على مواردها الطبيعية ومضاعفتها”.

مقترحات ” نزار باييف”  لتعزيز أواصر الثقة والتعاون بين دول “قزوين ” تضمنت اقتراحاً  إلى الدول المشاركة في القمة بضرورة العمل على اعتماد اتفاق منفصل يتعلق بالأنشطة العسكرية في البحر “، حيث كشف عن رؤيته قائلاً  “اقترحت عدة تدابير إضافية بهدف بناء الثقة بين الدول المتشاطئة على البحر، والانطلاق نحو التعاون في مجال الأنشطة العسكرية، بما يوفر توازنًا للأسلحة في بحر قزوين، مع مراعاة مصالح جميع الأطراف، وسوف توحد جهودنا لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين”.

رؤية الرئيس الكازاخى اشتملت كذلك على دعوات لبلدان بحر قزوين لإنشاء “منتدي قزوين الاقتصادي”، والتركيز على تنمية  مجالات الاقتصاد الرقمي”، فضلاً عن  تطوير السياحة بين الدول المتشاطئة ، وإعداد برنامج للمشاريع المشتركة المحتملة في هذا المجال.وخلال كلمته في القمة، قال نزار باييف إن حجم التبادل التجاري بين روسيا وبلدان المنطقة ازداد بمقدار 10% خلال الخمسة أشهر الماضية من العام الجاري، موضحًا أن “الاتفاق حول الوضع القانوني لبحر قزوين، يجب اعتباره بداية لتعاون بلدان المنطقة في ظروف جديدة”، وأن الاتفاقيات الستة الموقعة خلال القمة ستدفع العلاقات بين الدول المشاركة فيها إلي الأمام، في مجالات التجارة والاقتصاد والنقل والأمن”، مشيرًا إلى أنه “سيتم إنشاء آلية خاصة تحت رعاية وزارات خارجية الدول المشاركة في الاتفاق لتنفيذ بنوده”.

جهود الرئيس ” نزار باييف ” والتي أسفرت عن توقيع اتفاق اليوم تمثل نقلة نوعية فى العلاقات بين دول ” قزوين ” لاسيما وأن  هذه القمة هى  الخامسة من نوعها، منذ عام 2002، فضلا عن أنه قد عقد أكثر من 50 اجتماعًا، على مستوى منخفض منذ تفكك الاتحاد السوفيتي، حيث ولدت ثلاث دول جديدة على شواطئ بحر قزوين، كانت جمهوريات سوفيتية، هي كازاخستان وأذربيجان وتركمانستان , فضلاً عن أنها تدشين لمرحلة جديدة من الحوار، وتسوية نزاع دام طويلاً حول ما إذا كان بحر قزوين بحرًا أم بحيرة، مما يعني أنه بحر يخضع لقوانين البحار الدولية، أو بحيرة يحكمها قانون يوضع بالتوافق بين الدول المتشاطئة عليه.

وخلال 20 عاما لم تفلح الدول المتمركزة حول البحر في بلورة اتفاق واضح يساعدها على الاستفادة  من الموارد المكتشفة به.ولعل هذا ما دفع الرئيس ، نور سلطان نزارباييف، لعقد اجتماع لأجل التوصل إلى صيغة توافقية لحل الأزمة الممتدة منذ سنوات حيث  يحتضن بحر قزوين، أعلى مخزون نفطي في العالم، ويعتبر هو مستقبل الثروة النفطية، لذلك شهدت المنطقة صراعًا سياسيًا واستخبارتيًا، وحرب للسيطرة وبسط النفوذ بين أمريكا من جانب وروسيا من جانب آخر، حيث ترغب واشنطن في تأمين مصادر النفط في المستقبل، في حين ترفض موسكو أي تدخل خارجي في شئون المنطقة

ويتميّز البحر بغناه الكبير بالثروة النفطيّة والغاز الطبيعي أيضًا، ومن هنا فقد كان محلاً للنزاع الدائم بين الدول الّتي تسعى لتقاسمه،  ويضم ” قزوين ” حقل تنجيز النفطي في كازاخستان الّذي يعدّ الحقل الثاني من حيث المساحة على مستوى العالم، بعد حقل الغوار في السعودية، وقد قدرت وكالة الطاقة الدولية، الاحتياطيات المثبتة به من النفط بنحو 15- 40 مليار برميل، وهو ما يمثل 1,5% إلى 4% من الاحتياطيات العالمية المثبتة، أما الاحتياطيات المثبتة من الغاز الطبيعي فتقدر بنحو 6,7-9,2 تريليونات متر مكعب، إضافة إلى احتمال وجود ثمانية تريليونات أخرى، وهذا يعني أنها تمثل نحو 6%-7% من الاحتياطيات العالمية من الغاز، ولا تزال غالبية الأحواض، خاصة البعيدة منها عن خط الساحل وفي قاع البحر دون استغلال لأسباب تقنية.

كما يحتوي ” قزوين ” على عدد ضخم من الجزر، وهي جزر غير مأهولة بالعمران في معظمها، ويعد البحر موطنًا لحوالي 78 نوعًا من الأسماك، ويختص هذا البحر بأنواع معينة ينحصر وجودها في البحر والأنهار التي تصب فيه ومنها سمك الكافيار

المعضلة القانونية بحر قزوين يمكن تبسيطها من واقع أن إيران والاتحاد السوفيتي سابقا كانا يتقاسمان السيطرة على المسطح المائى ، وذلك من خلال معاهدتين وقعتا في 1931 و1941 تنصان على أن البحر مشترك بين الدولتين، ولكن مع تفكك الاتحاد السوفيتي ظهرت ثلاث دول  متشاطئة هى كازاخستان وتركمانستان وأذربيجان  وبالتبعية أثيرت مشكلة حقوق تلك الدول وصياغة إطار قانونى محدد .   وبينما كانت ترغب إيران فى  تقسيم البحر “بالتساوي والعدل” بين الدول الخمس المطلة عليه مع تطبيق ما يُعرف في القانون الدولي بمبدأ “السيادة المشتركة”، الذي يُطبّق على البحيرات المغلقة ويعطي الدول الخمس نسبًا متساوية، تبلغ 20 % لكل دولة من مساحة البحر ومن عائد الاستغلال الجماعي والمشترك لثرواته الباطنية فى المقابل ترى موسكو أن يتم تقسيم قاع البحر إلى قطاعات وطنية بطريقة خط الوسط، بحيث يكون للدول الحق في استغلال الموارد كل في حدود قطاعه مع ترك السطح وعمق المياه للاستخدام العام.

 

تفاهمات الدبلوماسية الكازاخية أفرزت اليوم 6 اتفاقات أخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الدول المتشاطئة خاصة فيما يتعلق بتنفيذ الحقوق السيادية لاستخدام باطن الأرض ومد الأنابيب والكابلات تحت الماء وغير ذلك، لكنها بذات الوقت تفتح آفاقاً جديدة  للتعاون بين دول ” قزوين “إذ تم التوقيع على سلسلة من الاتفاقات الحكومية الدولية تتضمن العلاقات في مجال النقل والتجارة  والتعاون الاقتصادي ، وأمن بحر قزوين بما في ذلك مكافحة الجريمة والإرهاب، فضلاً عن التعاون بين الوكالات الحدودية لدول بحر قزوين.

 

 

نتائج  اجتماع  ” أكتاو “ :

 

  • حل الإشكالية بوضع إطار قانوني لتقسيم البحر بين الدول الخمس. أبرزها تقسيم الجزء السفلي والداخلي منه بين البلدان الموقعة.

 

  • منع أي تدخلات الخارجية العسكرية خاصة الأمريكية منها.

 

  • استفادة الدول الخمس من ثروات النفط والغاز و الكافيار.

 

  • بناء مشروعات تتعلق بمد الغاز للدول تحدث سوق تنافسي في قطاع الدول المصدرة للغاز.

 

  • إحداث عملية تنمية مستدامة لمنطقة بحر قزوين.

 

  • تطبيق مبادرات تصدير الطاقة مثل خط أنابيب “ترانس-قزوين” المقترح من تركمانستان إلى أذربيجان والذي من شأنه أن يسهل وصول الغاز التركماني إلى الأسواق الأوروبية.