بينما تحتضر الإيديولوجية الشيعية الراديكالية لنظام الملالي داخل إيران نفسها ، كما يتضح من الاحتجاجات المستمرة , ما زالت هناك ثلاثة مساجد في ولاية ميتشيغان الأمريكية , ترفع شعارات طهران وتمجد ولاية الفقيه .
إذ يعمد النظام الإيراني وحلفاؤه من حزب الله إلى مواصلة التسلل المراوغ عبر بناء تحالفات في مدينة ديربورن حيث يتركز أكبر تجمع للطائفة الشيعية, من شأنها تهديد الولايات المتحدة من خلال تبنى الفكر الجهادي واللعب على ورقة الهوية الطائفية للتغلب على الأصوات الشيعية المعتدلة في الولاية الأمريكية.
مركز كربلاء للتعليم الإسلامي يمثل قلب الحضور الإيراني في ديربورن حيث يرأس المركز الذي يعمل بدعم مالي من الشيعة العراقيين المتواجدين هناك و يميل في توجهاته إلى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي, الإمام هشام الحسيني والذي يؤيد بشكل علني النظام الإيراني وجماعة حزب الله ويعدها رمزاً للمقاومة الإسلامية .
توجهات إمام مركز كربلاء يمكن قراءتها من خلال زوايا تحركاته وآرائه المعلنة , ففى أبريل / نيسان سافر الشيخ هشام الحسيني إلى بغداد حيث حل كضيف شرف على إحدى المليشيات المدعومة مباشرة من إيران وهى سرايا عاشوراء والتي قام الحرس الثوري بتدريب عناصرها وتسليح مقاتليها وتوصف بأنها الجناح العسكري للمجلس الإسلامي الأعلى في العراق.وقد سبق وهددت المليشيا المسلحة بمهاجمة القوات الأمريكية فى نوفمبر 2017 .كما صرح أحد قادتها أن الولايات المتحدة “أصبحت عدونا المباشر” وأن جيشها يجب أن يغادر العراق لأنه “أصبح الآن هدفا لقواتنا”.
تأييده الواسع لنظام الملالي يتكشف أيضا من خلال نشره في فبراير الماضي صورا تمجد المرشد الأعلى ” وتشيد بالثورة الإسلامية التي جلبت النظام الإيراني إلى السلطة. وفى عام 2007 أظهر الحسيني دعماً قوياً لحزب الله عندما سُئل في مقابلة تلفزيونية عن ظهوره في المظاهرات التي دعمت حزب الله إن كان يعتقد أنه منظمة إرهابية ، أجاب بـ “لا” ثم استطرد : “هناك معنى كتابي لحزب الله في اليهودية والمسيحية والإسلام يعني “شعب الله “. وفي نهاية المقابلة قالها على رؤؤس الأشهاد “أنا أؤيد شعب الله “.
كما روج الحسيني لنظريات المؤامرة المعادية للسامية وأثار جدلاً واسعاً عندما تحدث في مؤتمر DNC ،واصفاً الولايات المتحدة بـ”قوة احتلال” . وفي عام 2015 ، نشر مركز كربلاء فيديو على صفحته على فيسبوك يظهر فيه الإمام الحسيني يدين الهجمات السعودية على اليمن ، ويصف أعمال [السعودية] بأنها إرهابية ويزعم أنها “وكلاء لليهود”.
وبالرغم م كل تلك الشواهد يعتبر الكثيرون مرشد مركز كربلاء صوتًا محترمًا داخل المجتمع الإسلامي في ديترويت ، فقد تمت دعوته للاجتماع السنوي الشتوي للجنة الديمقراطية الوطنية بالعاصمة واشنطن في العام الماضي ، وشارك كمتحدث فى حفل تأبيني لضحايا الحادي عشر من سبتمبر ومع ذلك تظل المخاوف قائمة بشأن أنشطة المركز وامتداد تأثيرها إلى المساجد والجمعيات الأخرى، بما في ذلك المركز الإسلامي في أمريكا والمعهد الإسلامي للمعرفة لاسيما وأن 40٪ من سكان ديربورن من المسلمين وغالبيتهم من الشيعة.
آيات التسلل الإيراني الهادئ قرب “بحيرة واليد” في ميتشغان تتجلى في مركز “الزينبية ” أو ما يعرف جمعية أهل البيت حيث يداوم المسجد باستمرار على نشر رسائل آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإسلامية ويعده سلطة ومرجعية دينية مقدسة يجب أن يستمع إليها جميع المسلمين.
النزعة المتطرفة لدى إمام مركز الزينبية الشيخ أسامة عبد الغني والذي اعتلى منبر المسجد فى عام 2014 اتضحت عندما قدم العام الماضي تعليقًا صوتيًا لمقطع فيديو يصف تنظيم داعش بأنه مؤامرة لإسرائيل والغرب. مشيراً إلى المرشد الأعلى ” باعتباره “الزعيم ” ففي حين أظهر الفيديو مسيرة لحزب الله ، هدد عبد الغنى الغرب قائلاً بأنه أي “خامنئى ” “وحد المؤمنين” و “قادهم إلى تدريب الناس”.
كما أقام المسجد وقفة احتجاجية على ضوء الشموع تضامنا مع الزعيم الشيعي في باكستان العلامة رجا ناصر عباس جافري. وقد التقى حسن نصر الله ، مع جافري في عام 2012. وأشاد بكفاحه ودعا الشيعة والسنة في باكستان إلى التوحد ضد النفوذ الأمريكي في بلادهم ، على غرار الكيفية التي حارب بها حزب الله الإسرائيليين في لبنان. وزعم نصر الله أن منظمة جفري أبلغته بأن لهما نفس الأهداف.
منصة تبشيرية أخرى منحها المركز الشيعي للشيخ أحمد حنيف فى عام 2009 والذي تحدث في “مؤتمر الإمام الخميني” في إنجلترا عام 2013. ويحظى بظهور مكثف على شبكة التلفزيون الإيراني. وقد سبق وأدعى في إحدى الحلقات هو وضيفه أن معاداة السامية ليست حقيقية.
واستضاف المسجد داوود وليد ، زعيم فرع ميتشيغان لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) ، الذي صنفته وزارة العدل الأمريكية بأنه “ذراع ” شبكة الإخوان المسلمين وحماس في الولايات المتحدة إذ شجب وليد ورفاقه في عام 2010 مقتل لقمان عبد الله أحد عناصر جماعة “الأمة ” المتطرفة وحرصوا على تصويره بأنه مسلم بريء قُتل على يد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي المتعصبين. وكان عبد الله قد قتل إثر غارة قام مكتب التحقيقات الفيدرالي على الجماعة الجهادية المناهضة للحكومة الأمريكية ,تبادلوا خلالها إطلاق النار .
دار الحكمة الإسلامية جبهة استحقت استثمار النظام الإيراني لاسيما وأن موقعها الإلكتروني يمنح “آية الله الخميني ” لقب “الإمام” المحترم. ففي عام 2009 نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريراً حول ادعاءات المسئولين الأمريكيين بأن مؤسسة “علوي” جزء من الآلة الدعائية لنظام طهران فيما يتعلق بالشأن العالمي .واستعرض مشروع كلاريون فى عام 2013 تحليلاً للمنح التي وزعتها مؤسسة علوي باعتبارها واجهة معروفة لنظام الملالي كانت تُستخدم لتمويل برنامجه النووي والترويج لإيديولوجيته حيث أظهرت البيانات أن المؤسسة المدعومة من طهران أرسلت نحو 44 ألف دولار لدار الحكمة الإسلامية بين عامي 2004 و 2009.
الزعيم الروحي للبيت الإسلامي الحكمة هو الإمام محمد علي إلهي. وفقا لسيرته الذاتية ، بدأ دراسته في مدرسة دينية في إيران في سن الثانية عشرة. وتم القبض عليه من قبل الأجهزة الأمنية للشاه في عام 1978. وعقب نجاح الثورة الخمينية ، تم تعيينه “مدرسًا للأخلاقيات الإسلامية في الأكاديمية البحرية الإيرانية ، وهو المنصب الذي شغله لمدة خمس سنوات.
وفي عام 1988 ، أسس مركز البحوث الثقافية في طهران ، والذي ركز على دوافع الشعب الإيراني للتضحية بنفسه لمدة ثماني سنوات ضد عدوان صدام حسين. وبعبارة أخرى ، سمح له النظام – وربما ساعده على الترويج لقداسة الشهداء الذين يموتون من الحرب الدائرة فى البلاد . وقد وصف مسئول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية هذه الثقافة بأنها “الإخاء في الموت” حيث “عاش العديد من هؤلاء الناس ليموتوا”.
قرابين الملالي أثناء الحرب والتي روج لها “إلهى” عبر مركزه , ضمت أمواجاُ بشرية من الأطفال الذين تم تجنيدهم والإلقاء بهم في آتون المعركة حاملين معهم مفاتيح لترمز إلى أن موتهم بالجهاد سيجعلهم يدخلون الجنة ,وقد عمد الجيش حينها إلى تجميع الأولاد معاً لمنع أي شخص من التراجع حيث قاموا بإلقاء جثثهم في حقول الألغام لتمهيد الطريق أمام الجيش.
وقد انتقل الإمام إلهي إلى ديربورن في عام 1992 ، وقاد المركز الإسلامي في أمريكا ، وهو مسجد آخر في ولاية ميشيغان كان يدعم شخصيات حزب الله ولويس فرخان في السنوات الأخيرة. ثم أسس بيت الحكمة الإسلامي في عام 1995.
ومع أن مؤشرات ارتباط “إلهى” بالمرشد الأعلى لا تستوجب المزيد من القرائن ,غير أن ظهوره الدائم على التلفزيون ليردد مزاعم خامنئى بأن بلاده لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية يؤكد توجهات الرجل السياسية إذ أنه يربط دائماً بين إسرائيل وداعش ويحرض على الإرهاب فضلاً عن أن تصريحاته لا تدين حماس بل يضعها فى إطار الجهاد الشرعي الذى لا تشوبه شائبة حتى وإن كانت تحالفها مع النظام في طهران .
ويبشر الواعظ ” إلهى” النظام السوري وداعميه من إيران وحزب الله وروسيا بالنصر المبين ، وقد اتضح ذلك في غضبه من قتل السفير الروسي في تركيا. واتهم بيانه معارضي الأسد بأنهم “دمى إرهابية ” يتم تحريكها من قبل إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
حراك الاحتجاجات الشعبية في إيران والذي يتم بثه عبر مقاطع الفيديو كل بضع ساعات يكشف عمق معاناة الشعب من نظام الملالي ورفضه لسياسات طهران الداعمة للإرهاب وبينما يرغب هؤلاء المتظاهرون في وصول صوتهم للعالم والحصول على دعم دولي ،يبدو زعماء المسلمين الشيعة في أمريكا في وضع السكون التام بفعل سيطرة أذرع النظام الإيراني على المنصات اللازمة للحشد ومن بينها المساجد الثلاثة المذكورة .









اضف تعليق