قرأت باهتمام بالغ،تغريدة الشيخ جاسم بن جبر على موقع إكس حول سوريا , لذلك أود أن أعبّر عن خالص تقديري للنصيحة الحكيمة التي وجهها الشيخ جاسم للشعب السوري وللعالم العربي في هذه المرحلة الحرجة. وأقول :
لا شك أن كلماتكم تحمل في طياتها دروسًا عظيمة مستفادة من واقع طويل، وأن دعوتكم للتسامح والوحدة بين مختلف الطوائف والمكونات في سوريا وفي المنطقة هي دعوة نابعة من حكمة وتجربة عميقة. لكن التغريدات، وإن كانت سريعة وفعّالة في إيصال الرسائل، لا تكفي أبدًا لمعالجة القضايا المعقدة التي تمر بها سوريا والمنطقة بأسرها. كما أشرتم، فواجبنا جميعًا هو أن نواصل تقديم النصيحة والعمل الجاد على بناء جسور الثقة بين جميع مكونات المجتمع السوري، وأن نضع نصب أعيننا مصلحة سوريا ووحدتها قبل أي مصلحة أخرى. هذه مسؤولية مشتركة تقع على عاتقنا جميعًا، ولا يمكن أن تقتصر على مرحلة واحدة أو على بيان سياسي عابر.
النصيحة التي تقدمونها بخصوص التعامل مع الأقليات والطوائف المختلفة في سوريا هي في غاية الأهمية. إن التنوع في سوريا كان دائمًا مصدرًا غنى للثقافة والوحدة الوطنية، ونحن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز هذا التنوع والتعايش بين جميع السوريين، مع التأكيد على أن كل سوري، بغض النظر عن طائفته أو انتمائه الديني، له الحق في العيش بكرامة وأمان.
وكما أشرتم إلى ضرورة تجنب الدخول في فخ الطائفية والفرقة في المنطقة العربية، فإننا نحتاج جميعًا إلى أن نكون على درجة عالية من الوعي بمخاطر تلك الصراعات التي لا تفرق بين أحد، والتي لا تجلب للمنطقة إلا الدمار والخراب. لا ينبغي أن نسمح بتكرار ما حدث في الماضي من انقسامات، بل يجب أن نعمل معًا لبناء مستقبلٍ يسوده الأمن والاستقرار.
كما أن دعوتكم المخلصة لبناء سوريا على أسس ديمقراطية ووفق إرادة شعبها هي الدعوة التي يجب أن نتبناها جميعًا. المستقبل لا يتحقق إلا من خلال العمل الجاد والتضامن بين جميع السوريين، وألا يتم التنازع على السلطة بل التركيز على إعادة إعمار البلاد وتوحيد الصفوف.
إننا اليوم بحاجة إلى أن نكون صوت الحكمة والتعقل، وأن نكون صادقين في نصائحنا، كما أن تقديم النصح المستمر هو الطريق الوحيد لضمان عدم الانحراف عن المسار الصحيح. من خلال هذه الجهود المشتركة، سيكون بإمكاننا بناء سوريا جديدة قائمة على أسس من العدالة والاحترام المتبادل، دون أن ننسى حقوق جميع المواطنين، بما في ذلك الأقليات التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع السوري.
لكن النصيحة لا تقتصر على السوريين فقط. نحن اليوم أمام مسؤولية أكبر تجاه المنطقة العربية ككل. إن المنطقة التي طالما تأثرت بالصراعات الطائفية والقبلية بحاجة إلى استراتيجية واضحة للبناء والتعاون بعيداً عن أتون الفتن. من المؤكد أن الانزلاق مجدداً في مستنقع الطائفية سيكون له عواقب كارثية على الجميع، وليس فقط على سوريا.
يجب على كل العرب أن يراجعوا أولوياتهم، ويعملوا معاً على وضع أسس التعاون والتعايش السلمي بين شعوبهم، دون الوقوع في فخ الصراعات المدمرة. وحدها الوحدة العربية بمختلف مكوناتها، بعيدا عن أي تهميش أو تقسيم، هي التي ستحقق الاستقرار في المنطقة.
اضف تعليق