تقدم الجيش السوري مع حلفائه في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب القديمة ليتوغل أكثر في عمق مناطق المعارضة بالمدينة في هجوم بلا هوادة، وفقا لتصريحات مصدر عسكري سوري.
وقال مسؤول بارز في المعارضة: إن جماعات المعارضة في حلب أبلغت الولايات المتحدة إنها لن تنسحب من المنطقة المحاصرة بالمدينة بعد أن دعت روسيا لإجراء محادثات مع واشنطن بشأن انسحابهم.
لكن في مواجهة قصف بلا هوادة وهجمات برية قد لا يكون أمام مقاتلي المعارضة في نهاية المطاف أي خيار سوى التفاوض على الانسحاب من شرق حلب المحاصر، حيث يعتقد أن هناك عشرات آلاف المدنيين.
ويبدو أن دول المنطقة ودول الغرب التي تدعم المعارضة المسلحة لا تعتزم أو لا تستطيع فعل أي شيء لمنع هزيمة رئيسية للمعارضة التي تقاتل لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، وتتلقى حملة الأسد لاستعادة السيطرة على كامل حلب دعما من سلاح الجو الروسي ومسلحين مدعومين من إيران.
وأعلن الجيش إحراز مكاسب جديدة أكد بعضها مسؤول من المعارضة من جماعة الجبهة الشامية، ومن بينها مستشفى العيون وهو موقع مهم استراتيجياً لكن مسؤول المعارضة قال إنها لم تسقط بعد.
وقال صحافيون في المنطقة الخاضعة لسيطرة الحكومة في المدينة إنهم سمعوا دوي انفجارات شديدة قادم من شرق حلب مع حلول الليل، وذكر مسؤول الجبهة الشامية أن تحقيق مكاسب جديدة قد يجبر المعارضة على الانسحاب إلى الركن الجنوبي الغربي من منطقتهم.
وأضاف المسؤول: “ستكون مناطق حلب القديمة مهددة بدرجة كبيرة، أنها الأرض المحروقة”.
وستمثل السيطرة الكاملة على حلب أكبر انتصار للأسد في الحرب التي بدأت في صورة احتجاجات على حكمه في 2011، والحملة التي تشنها الحكومة السورية وحلفاؤها في حلب واحدة من أشرس الحملات في الحرب، حيث أفادت تقارير بمقتل مئات في الأسابيع الأخيرة فقط.
وقالت روسيا التي ساعدت قواتها الجوية الحكومة في شرق حلب هذا العام، إنها مستعدة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن الانسحاب الكامل لقوات المعارضة من حلب.
وأوضح المسؤول الكبير بالمعارضة السورية زكريا ملاحفجي، متحدثاً من تركيا، أن جماعات المعارضة التي تقاتل في حلب أبلغت مسؤولين أمريكيين السبت أنها لن تترك المدينة.
وأضاف ملاحفجي أن المسؤولين الأميركيين سألوا مقاتلي المعارضة: “هل تريدون الخروج أم الصمود؟”.
وقال رئيس المكتب السياسي لتجمع فاستقم الموجود في حلب ملاحفجي “أجبنا كالآتي: لا يمكن أن نترك مدينتنا وبيوتنا للميليشيات المرتزقة التي حشدها النظام في حلب”.
وتابع: “ليس من الممكن أن نترك بيوتنا للأفغاني والعراقي وإلى آخره، هذه أحياؤنا وهذه بيوتنا وهذه مدينتنا ونحن صامدون”.
وأضاف ملاحفجي أن مقاتلي المعارضة دعوا “أشقاء وأصدقاء الشعب السوري لأن يقفوا معنا، ويصمدوا معنا ما دمنا صابرين وواقفين، وبنفس الوقت نطالب بشكل عاجل جداً، ليس من أجلنا ولكن من أجل المصابين والمدنيين بدخول مساعدات طبية وإنسانية، من دواء وغداء وإجلاء الجرحى والمصابين”.
ولم تعلق الولايات المتحدة بعد على الاقتراح الذي طرحه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لإجراء محادثات بشأن انسحاب كل مقاتلي المعارضة دون استثناء من حلب.
وقالت قوات المعارضة إن الروس تراجعوا عن اقتراحات جرى الاتفاق عليها في محادثات مع جماعات المعارضة الموجودة في تركيا، كان من شأنها مغادرة المقاتلين المتشددين من المدينة ووقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية.
وتعهد الجيش السوري المدعوم على الأرض بمسلحين يضمون جماعات شيعية من العراق وإيران ولبنان، بسحق المعارضة المسلحة في حلب.
وأشار المصدر العسكري السوري إلى أن الإطار الزمني للسيطرة على كامل حلب “أسابيع”، وقال إن الجيش السوري سيواصل تنفيذ العمليات لحين القضاء على المسلحين والسيطرة الكاملة على الأحياء الشرقية من حلب.
وفي السابق، ذكرت مصادر موالية لدمشق أن الجيش يستهدف استعادة السيطرة على حلب بالكامل، مع تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لمنصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، والسبب هو تخفيف خطر تحول السياسة الأمريكية بشأن سوريا على الرغم من أن ترامب أشار إلى أنه قد ينهي الدعم الأمريكي للمعارضة المسلحة.
وتقدر الأمم المتحدة أن المعارك الأخيرة أدت إلى نزوح نحو 30 ألف شخص، غادر منهم 18 ألفاً إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة، بينما ذهب 8500 إلى حي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة الأكراد، ويتنقل الآخرون في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة.
وأكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا، أن ما يزيد على 100 ألف شخص ربما ما زالوا في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إن العدد قد يصل إلى 200 ألف شخص.
وانخفضت إمدادات الغذاء والوقود إلى درجة حرجة في شرق حلب حيث تعرضت المستشفيات مراراً للقصف، مما أخرجها من الخدمة.
ويقول مقاتلو المعارضة ومن بينهم جماعات مدعومة من دول أجنبية، إنهم تركوا لمواجهة مصيرهم في الحرب ضد أعداء أفضل تسليحاً بما في ذلك سلاح الجو السوري وجماعة حزب الله اللبنانية المدربة جيداً.
وفي ضربة أخرى للمعارضة المسلحة، قال مسؤولون بالمعارضة إن قائداً لتحالف جديد للمعارضين أصيب إصابات بالغة.
وذكر ملاحفجي أنه سيتم تكليف شخصية أخرى بقيادة جيش حلب، الذي تم تكليف أبو عبد الرحمن نور بقيادته الأسبوع الماضي.
وفتح الجيش وحلفاؤه جبهات عديدة في شرق حلب الخاضع للمعارضة، فيما يراه المعارضون محاولة لاستنفاد ذخيرتهم ورجالهم، وقال ملاحفجي إن مقاتلي المعارضة سيصمدون لفترة جيدة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجيش أو حلفاءه يخوضون معارك في 8 مناطق على الأقل، وأضاف أن قوات المعارضة فقدت السيطرة على نحو 60% من المنطقة التي كانوا يسيطرون عليها حتى وقت قريب، ويقول المعارضون إن المناطق التي خسروها أقل.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن القوات الموالية للحكومة تسعى إلى شن هجوم في القطاع الخاضع لسيطرة المعارضة من القلعة القديمة في حلب جنوباً.
وأخذت الحكومة صحافيين إلى حي هنانو الذي انتزعت السيطرة عليه في الآونة الأخيرة في شمال شرق حلب، واستخدمت طريقاً بوسط المدينة أعيد فتحه قبل يومين.
وذكر صحافي أن حافلات تغادر من غرب حلب تنقل أشخاصاً بشكل مستمر يتفقدون منازلهم التي لم يروها منذ سنوات، ونقلت أيضاً عربات عسكرية روسية مساعدات إلى المناطق التي استعادتها الحكومة في شرق حلب.
اضف تعليق