الرئيسية » تقارير ودراسات » عسكرة البحر الأحمر: وسيناريوهات المساومة الاقليمية والعالمية
تقارير ودراسات رئيسى

عسكرة البحر الأحمر: وسيناريوهات المساومة الاقليمية والعالمية

ائرة تقلع من حاملة الطائرات الأميركية رونالد ريغان أثناء تدريبات مشتركة مع البحرية الكورية الجنوبية
ائرة تقلع من حاملة الطائرات الأميركية رونالد ريغان أثناء تدريبات مشتركة مع البحرية الكورية الجنوبية

كشفت مصادر استخباراتية غربية أن البحر الأحمر تحول إلى حلبة سباق، يجري في مضمارها كل من يطمع في تثبيت أقدامه في القارة السمراء ، وخاصة من الدول الأجنبية، ذات النفوذ ،والتي تريد أن تفرض حضورها على شاطئ “بحر العرب”، بالقوة العسكرية، لتأمين نوع من المساومة الاقليمية والعالمية.

حيث يذكر أن الدول الخمس الدائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى – الصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة – لديها قواعد او خطط للقواعد فى جيبوتى او السودان.

كما أن القوى الغربية الأخرى مثل إيطاليا وإسبانيا تفعل ذلك أيضا، وقد حصلت الجهات الفاعلة الإقليمية، وعلى رأسها تركيا والإمارات العربية المتحدة، على موطئ قدم جيو ستراتيجي في هذه البلدان الأفريقية، وقامتا بعقد اتفاقات اقتصادية معها، من أجل تعزيز العلاقات بين البلدين، علاوة على أن مصر وإسرائيل وإيران والسعودية من اللاعبين العسكريين في البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

وكشفت التقارير أيضا أن هذا السباق يثير أسئلة مهمة حول توازن القوى في البحر الأحمر، الذي يشار إليه أحيانا باسم “بحر العرب”،وخاصة أنه يفصل بين أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.

وقد ارتفعت التوترات بين تركيا والدول العربية المختلفة بعد أن وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان وأجرى محادثات مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير.

وأعلن الجانبان عن صفقات بقيمة 650 مليون دولار بين تركيا والسودان، وقررت الخرطوم نقل السيطرة على مدينة “سواكين” الساحلية القديمة على البحر الأحمر إلى الأتراك لإعادة التأهيل والإدارة.

ومن شأن وجود قاعدة عسكرية تركية في جزيرة “سوكين” أن يوفر لأنقرة موطئ قدم فريدا في البحر الأحمر على مقربة من مصر وإريتريا والمملكة العربية السعودية واليمن.

ومن خلال تقديم تركيا مثل هذا الموقف بالقرب من مصر، أضاف البشير طبقة أخرى من التوتر لعلاقة القاهرة والخرطوم، التي توترت بالفعل من جراء نزاع حدودي قديم، بالاضافة إلى تضارب المصالح بشأن قضايا المياه، والدعم المزعوم من مصر للمتمردين في دارفور، و استضافة السودان لأعضاء “الإخوان المسلمين” الذين فروا من مصر في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في عام 2013.
وهناك متغير آخر خلق مزيدا من التوتر بين مصر والسودان هو أزمة قطر، وكيف أثرت العلاقة بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي على استجابة الدول الأفريقية لنزاع مجلس التعاون الخليجي.

لاشك أن مصر، والدول العربية الأخرى تراقب سياسة تركيا الخارجية في المنطقة – وخاصة دعم أنقرة للفصائل الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين – وهذا لا ينفصل مطلقا عن دخول تركيا إلى البحر الأحمر عبر السودان في سياق وجود عسكري تركي ، أنشأ مؤخرا قاعدة له في الصومال، بالقرب من عاصمة “مقديشو”، فضلا عن القاعدة العسكرية التركية في قطر.

و أن دور تركيا في أزمة قطر قد قوض مصالح مصر والإمارات العربية المتحدة وغيرهم، ممن لم تحلو لهم توقعات أنقرة بزيادة القوة إقليميا وعالميا.

وأعطى التحالف العسكري في أنقرة مع الدوحة الثقة الكافية لمقاومة الضغط من قبل اللجنة الرباعية لمكافحة الإرهاب – البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات – للاستسلام للطلبات ال 13 التي أصدرتها الكتلة بعد أن نفذت الحصار على قطر منذ سبعة أشهر.
وكان أحد هذه المطالب هو أن تغلق الدوحة القاعدة التركية القطرية المشتركة في قطر،كما أن الوجود العسكري التركي على الأرض في السودان سيؤثر على سياسة الخرطوم الخارجية، ومع ذلك، فإن مصر قلقة بالفعل من  دعم أنقرة للسودان ،فهذا من شأنه أن يؤثر بقوة على تطلعات المصريين للسيطرة على الأراضي على طول حدود البلدين في البحر الأحمر.

وهناك احتمال لإعادة المواءمة بين تركيا وإيران وقطر في التغلب على خلافاتهم السابقة حول سوريا ،وتشكيل شراكة ثلاثية تقوم على معارضة مشتركة للجداول الإقليمية للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي الوقت نفسه، لا تزال الرياض وأبو ظبي غير مستقرتين على موقف محدد ،بسبب احتمال حصول إيران أو قطر على موطئ قدم لهما في البحر الأحمر عبر وجود تركيا في جزيرة “سواكين”.

وبالنظر إلى الصراع العسكري والكارثة الإنسانية في اليمن، فإن هذا البلد العربي الفقير والممزق بالحرب قد يكون واحدا من المؤشرات الأولى التي ستعلن عن توازن جديد للسلطة في البحر الأحمر، وما إذا كانت “طهران” ستحقق مكاسب استراتيجية من وجود تركيا في السودان أم لا؟ .
وحسب مصادر مطلعة أن قطر دعمت المتمردين الحوثيين في اليمن، الأمر الذي من المرجح أن يؤدي بهم إلى أن يكونوا أكثر قلقا بشأن أقرب حليف إقليمي لقطر وهو تركيا، والتي تستند إلى قوتها العسكرية عبر قواعد ليس فقط في شبه الجزيرة العربية، ولكن أيضا في البحر الأحمر.

لكن السودان يشعر بخيبة أمل حيث لم تسدد له فاتورة طلاقه مع إيران، في مقابل علاقات أوثق مع دول مجلس التعاون الخليجي ، كما هو متوقع، لذلك يتطلع إلى تنويع شراكاته.

و في الواقع، قبل شهر من وصول أردوغان إلى الخرطوم، التقى البشير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، وطلب منه أن يعطي السودان “الحماية” من (ما يعتبره الرئيس السوداني) التهديدات التي تفرضها الولايات المتحدة.

وبمرور الوقت، قد تجد تركيا وروسيا نفسهما كفاعلين عسكريين سائدين في البحر الأحمر بفضل التوازن الجيوسياسي السوداني والجهود المبذولة لاسترداد السودان استقراره اقتصاديا بعد استقلال جنوب السودان الغني بالنفط في عام 2011.

كما يساعد السودان تركيا وروسيا على إدراج نفسهما في البيئة الأمنية للبحر الأحمر، حيث أصبح جسد المياه في الشاطئ الغربي مشغولا بشكل متزايد مع الجيوش التابعة للقوى الأجنبية.

ولكن على الأرجح، فإن “بحر العرب” سوف يصبح ميدانا لأكثر من نقطة ساخنة، حيث أن هناك عددا متزايدا من البلدان سيدخل مران العضلات العسكرية، لتأمين قدر أكبر من المساومة الإقليمية والعالمية.