الرئيسية » دراسات وتحليلات » هل تزيح الصين الأميركان من قيادة النظام العالمي ؟
تقارير ودراسات دراسات وتحليلات رئيسى

هل تزيح الصين الأميركان من قيادة النظام العالمي ؟

يرى كثير من المراقبين الصينيين أن تصويت المملكة المتحدة على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والانتخابات في الولايات المتحدة التي أفرزت دونالد ترامب، هى دليل على أن النظام الليبرالي الذي يقوده الغرب يدخل مرحلة جديدة من الانقسام من شأنها أن توفر مساحة أكبر للصين لتوسيع وجودها العالمي.

ولكن بالضبط ما يعنيه النظام العالمى الحالى وموقف الصين داخله موضوع نقاش مكثف فى الصين.

يدرس العلماء الصينيون النظام الدولي لمعرفة ما إذا كان أي شيء قد تغير فعلا على المستوى النظامي، فهناك ثلاث وجهات نظر متنافسة فى الصين حول حالة النظام العالمى اليوم.

يقول بعض العلماء الصينيين إن النظام الدولي لا يزال أحادي القطب وتسيطر عليه الولايات المتحدة؛ والبعض الآخر يعتقد أن النظام هو الآن القطبين، مع الصين بمثابة فحص نقدي ضد الولايات المتحدة. في حين تعتقد المجموعة الثالثة أن النظام الآن متعدد الأقطاب، مع القوى الكبرى موازنة بعضها البعض.

جميع المحللين يرون العلاقة الأميركية الصينية على قمة القوة العالمية، ويعتقدون أن الصين تستوعب بشكل مطرد المزيد من تلك القوة من الولايات المتحدة.

ويفترض العلماء الصينيون عموما أن المجتمع العالمي يرحب بصعود الصين، وأنه يعيد هيكلة وإصلاح النظام العالمي لجعله أكثر تمثيلا لمجموعة أوسع من المصالح، ولا سيما مصالح الدول النامية.

والواقع أن المحللين الصينيين يدعون بصورة روتينية إلى إقامة نظام عالمي أكثر سلاما وإنصافا دون تقديم تعريفات واضحة لما ينبغي أن يبدو عليه ذلك.

كما أن خطاب الرئيس ترامب “أميركا أولا” وقرار إدارة ترامب بالانسحاب من الشراكة العابرة للحدود واتفاق المناخ في باريس يضيفان المزيد من الوقود إلى الادعاءات بأن الولايات المتحدة في تراجع.

ويتفق العلماء الصينيون عموما على أن الموجة الأخيرة من السياسة الشعبية القومية في الولايات المتحدة وأوروبا تشير إلى أن وتيرة التغيير تتسارع.

ومع ذلك، فإنها لا توافق على مسألة ما إذا كان التغيير الذي حدث حتى الآن يضاف إلى تحول في الهيكل العالمي الأساسي.

ويقول بعض العلماء إن الصين أصبحت الآن “قطبا” رئيسيا يعمل على نفس مستوى الولايات المتحدة، ولكن البعض الآخر لا يعتقد أن الصين وصلت إلى هذا المستوى حتى الآن أو أن ترى نظاما متعدد الأقطاب يبرز.

وتزداد صعوبة إيجاد حجج بأن الصين لا تزال تعيش في عالم أحادي القطب، ولكن شياو هوانرونغ وكي جي، وهما خبيران في معهد العلاقات الدولية في جامعة الاتصالات الصينية، يدعمان هذا الرأي.

ولا يزالون يصورون الولايات المتحدة كشيخوخة، وأمة تعثر تصل إلى حدود سلطتها المهيمنة، وتتصارع أمام قيود جديدة داخلية وخارجية على السواء.

مع ذلك، على عكس كوي ليرو، يجادلون بأن الهيكل لا يزال أحادي القطب لأن الصين لا تزال لا يمكن أن تتنافس مع الولايات المتحدة من حيث قدرتها العسكرية وعدد القواعد التي لديها في جميع أنحاء العالم. في رأيهم، على الرغم من أن الصين في ارتفاع مطرد، إلا أن صدمة كبيرة سوف تزيح صخرة الولايات المتحدة من الصدارة والدخول في نظام القطبين حقا أو متعدد الأقطاب.

ويفسر معظم العلماء الصينيين رئاسة ترامب كدليل على أن تراجع الغرب يتسارع، وهيمنة الولايات المتحدة تتعثر، والصين تكتسب بقوة نسبية. ويتوقع يان و تسوى فعلا أن تتضاعف المنافسة بين الولايات المتحدة والصين تحت ترامب.
في رأيهم، مقارنة مع أسلافه، ترامب هو أكثر استعدادا لكسر القواعد والمعايير الدولية التي كانت تحتفظ سابقا بالمنافسة بين الولايات المتحدة والصين داخل حارة يمكن التنبؤ بها.

ومع ذلك، يقولون أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بحافة عسكرية شاملة، فإنها لا تستطيع معالجة التهديدات الأمنية الوطنية الحرجة في شمال شرق آسيا دون مساعدة صينية، وأنها تعتمد بشكل متزايد على التجارة والاستثمار الصيني للحفاظ على اقتصادها المحلي يعمل.

وبالتالي، فإنهم لا يتوقعون من إدارة ترامب تفعيل سياسته “الأميركية أولا”. وهم يتوقعون أن أي محاولة للقيام بذلك ستؤدي إلى نتائج عكسية وتعزز الطلب العالمي على القيادة الصينية وتدفع المجتمع العالمي نحو مفهوم الصين للنظام العالمي الذي يعتبرونه أكثر سلاما ومساواة.

واعرب تشانغ تينغجون الباحث فى معهد أميركا للمعهد الصينى للدراسات الدولية عن ارتياحه لهذا الرأي قائلا انه اذا ظلت الصين تركز على التنمية الداخلية والارتقاء السلمى “فان المجتمع الدولى سيضع بطبيعة الحال آمالا كبيرة على الصين، بل سيذهب البعض إلى حد رفع احتمال تولي الصين الدور القيادي العالمي من الولايات المتحدة “.

وتدعو تشانغ الصين إلى أن تظل على رأسها وتجنب القفز إلى هذا الدور بسرعة كبيرة.

ومن وجهة نظر أميركية، يضع العلماء الصينيون مجموعة واسعة من الافتراضات، التي يبدو أن بعضها مبني على أرض مهتززة: أن المجتمع العالمي الأوسع يرحب وسوف يستمر في الترحيب بالقيادة الصينية عبر مجموعة واسعة من القضايا؛ أن النظام الذي تتمحور حول الصين سيكون أكثر تمثيلا من النظام الذي يركز على الولايات المتحدة؛ أن قدرات الصين سوف تستمر فى النمو ولن تصبح البلاد متوقفة فى أزمتها الاقتصادية أو السياسية المحلية.

هذه الافتراضات تحتاج إلى اختبار بطريقة منهجية لتحديد ما إذا كان هذا الاتجاه الجديد في “التكوين الدولي” يعكس حقا التحولات الأساسية في النظام الدولي أو موجة أخرى من التفكير بالتمني التي سوف تتلاشى في المرة القادمة تواجه الصين الكبرى التحديات.